أرسلت هوازن وثقيف إلى بطونها وفروعها تطلب إليها أن تجتمع بخيلها ورجلها عند وادي قرب الطائف2، وأسندت الرياسة إلى مالك بن عوف، وكان شابًا في الثلاثين من عمره قوي الإرادة ماضي العزيمة، فاجتمع إليه عدد كبير منهم بنو سعد الذين كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- مسترضعًا فيهم، ومعهم دريد بن الصمة، وكان شيخًا كبيرًا عمي بصره، وصار لا ينتفع إلا برأيه وتجاربه في الحروب، وأمر مالك رجال القبائل أن يسوقوا معهم إلى الحرب المواشي والأموال والنساء والأطفال وجعلهم في مؤخرة الجيش ليثيروا الرجال إلى الاستماتة في الدفاع عن متاعهم وحريمهم، فلما سمع دريد رغاء البعير وبكاء الصغير، وصوت النساء، سأل مالكًا لم ساق هذه مع المحاربين؟ فأجابه بأنه أراد بذلك تشجيع المحاربين، قال دريد: وهل يرد المنهزم شيء؟ إنها إن كانت لك لم ينفعك إلا رجل بسيفه، وإن كانت عليك فضحت في أهلك، فلم يقبل مالك رأي الشيخ، وتخطى احتجاجه ورماه بضعف الرأي لكبر سنه، ثم صف جموعه وكانت تبلغ عشرين ألفًا في كمين عند مضيق الوادي، وانتظر قدوم الجيش الإسلامي.