كتب الرسول إلى الملوك والرؤساء

مدخل

...

كتب الرسول إلى الملوك والرؤساء

تمتاز دعوة محمد -صلى الله عليه وسلم- عن غيرها من دعوات الرسل السابقين، بأنها دعوة عالمية لا تقتصر على أناس بعينهم، ولا على زمن بعينه ولكنها تشمل الناس جميعًا، وتعم الأزمنة والعصور منذ أعلن الرسول -صلى الله عليه وسلم- دعوته إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

ولقد كان صلح الحديبية فاتحة عهد جديد، شعر فيه الرسول -صلى الله عليه وسلم- والمسلمون بمزيد من الطمأنينة على مستقبل الدعوة الإسلامية، وأخذ الرسول -صلى الله عليه وسلم- يتطلع إلى آفاق جديدة يعلن فيها دعوته تحقيقًا لعالمية هذه الدعوة كما أمره -عز وجل- فأرسل الكتب إلى الملوك والأمراء خارج الجزيرة العربية يدعوهم فيها إلى دين الله تعالى الذي ارتضاه لعباده.

ولقد كانت الكتب التي أرسلها محمد -صلى الله عليه وسلم- إلى الملوك والرؤساء متحدة في جوهرها، وإن اختلفت بعض الاختلاف في أسلوبها وذلك لأن الفكرة التي تهدف لها هذه الكتب، واحدة، وهي الدعوة إلى عبادة الله تعالى وتوحيده، ولأن شخص الداعي واحد، وهو محمد -صلى الله عليه وسلم.

وقد كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- ينفذ أمر الله -عز وجل- حيث يقول: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} 1. فالأمر بالتبليغ في هذه الآية مطلق، لا تحده حدود، ولا تحبسه قيود، وإنما يمتد عرضًا إلى جميع الناس ويمتد طولًا إلى جميع الأزمنة، وتأكيدًا فهذا المعنى يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم: "كان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس كافة" 2.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015