وإذا كان جمهور المؤرخين يقللون من الأهمية الحربية لهذه الغزوة1 حيث لم تسفر إلا عند عدد قليل من القتلى، وحيث لم يقع فيها صدام عنيف بين المسلمين وأعدائهم، فإننا -لدى التحقيق والتأمل- نراها من أعظم الغزوات في تاريخ الرسول -صلى الله عليه وسلم- وذلك لما تضمنته من عبر وعظات.

وقد كان من خبرها أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بلغه: أن الحارث بن ضرار سيد بني المصطلق يجمع الجموع لحربة، فخرج له -عليه السلام- في جيش كبير بلغ عدده ألف مقاتل بين راكب وراجل، وقد أراد الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يهاجمهم قبل أن يهاجموه حتى يلقي الرعب في قلوبهم، وجعل لواء المهاجرين لأبي بكر، ولواء الأنصار لسعد بن عبادة.

ولما وصل المسلمون إلى بني المصطلق وأصبحوا أمامهم وجهًا لوجه، عرض الرسول -صلى الله عليه وسلم- الإسلام، فلم يقبلوا، فتراموا بالنبل ساعة، ثم حمل المسلمون عليهم حملة رجل واحد2، فلم يتركوا لرجل من عدوهم مجالًا للهرب، بل قتلوا منهم عشرة وأسروا باقيهم مع النساء والذرية واستاقوا الإبل والشياه، وكانت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015