لها. ولم تستطع قريش أن تؤثر على معنويات المسلمين أيضًا، وإلا لما استطاعوا الخروج لمطاردتها بعد يوم واحد من غزوة أحد1، دون أن تتجرأ قريش على لقائها بعيدًا عن المدينة، وخاصة وأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد خرج للقاء قريش بقوته التي اشتركت فعلًا بمعركة أحد، دون أن يستعين بغيرهم من الناس.

إن نجاة المسلمين من موقفهم الحرج الذي كانوا فيه بأحد نصر عظيم لهم، لأن أول نتائج إطباق المشركين عليهم من كافة الجهات كانت الفناء التام2.

ونحن نؤيد رأي هذا العالم الجليل ونؤمن به كل الإيمان، ولنا من موقف الرسول -صلى الله عليه وسلم- من المسلمين حينما رجعوا من غزوة مؤتة ما يؤكد ذلك. فلقد استطاع خالد بن الوليد أن ينقذ ما بقي من جيش المسلمين من الفناء التام، بما صنع من خطة حربية مكنته من تضليل الأعداء والانسحاب بانتظام، وحينما رجع الجيش إلى المدينة قابلهم المسلمون الذين نظروا نظرة سطحية إلى الموقف وحثوا في وجوههم التراب، وقالوا لهم: يا فرار فررتم من الجهاد في سبيل الله، ولكن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وقد نظر إلى الموقف من جميع نواحيه- اعتبرهم منتصرين، وحياهم أحسن تحية، فقال: "لا، بل هم الكرار وأنا فئتهم" 3.

وبعد فإن خير ما نختم به غزوة أحد، هو ذلك الدعاء الذي قاله الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعد رجوعه من هذه الغزوة، فلقد روى الإمام أحمد4: لما كان يوم أحد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015