هم الظل الظليل الذي هيأه الله ليفيء1 الناس إليه، وينعموا به جيلًا بعد جيل. بل هم المنارات الساطعة التي تظهر معالم الحق، وتكشف المكنون من الأسرار، وتضع أبصار الناس وبصائرهم على طريق الهدى والنور..

وإلى هذا المعنى الذي تحدثنا عنه وهو اتحاد الديانات السماوية في جوهرها وأصولها، يشير القرآن الكريم في مثل قوله تعالى في سورة الشورى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنْ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ} 2، وفي مثل قوله في سورة النساء: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا، وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا، رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} 3.

ويسوغ لنا على هذا الأساس أن نعتبر الكتب السماوية جميعًا ومن حيث ما تتضمنه من المبادئ الدينية الأساسية والمثل الأخلاقية كتابًا واحدًا تتعدد أبوابه ولكن تتوحد أهدافه ومراميه، وتختلف الأساليب في فصوله ولكن تتفق دلالاته ومعانيه، ولعل هذا هو ما يفهم من القرآن الكريم حينما يتحدث عن الدين بوجه عام فيقول: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ} 4، ويقول: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015