وأظهرنا على عدونا كان ذلك ما أحببنا، وإن كانت الأخرى جلست على ركائبك فلحقت بمن وراءنا من قومنا، فقد تخلف عنك أقوام يا نبي الله ما نحن بأشد لك حبًّا منهم، ولو ظنوا أنك تلقى حربًا ما تخلفوا عنك، يمنعك الله بهم يناصحونك ويجاهدون معك.
وقد أثنى الرسول -صلى الله عليه وسلم- على سعد ودعا له بخير، ولأنه قدر الظروف وعرف أن مكان القائد هو الإشراف والتوجيه فلا ينبغي أن يتعرض للأخطار1، لأن في حياته حياة الأمة وكيانها وكرامتها، ثم بني العريش للنبي -صلى الله عليه وسلم- حتى يكون في مأمن من العدو إذا لم يكن النصر في جانب المسلمين، وهكذا الإخلاص والإيثار: إخلاص الجندي الأمين لقائده الأمين، وإيثار المؤمن لنبيه على نفسه.
وبمثل هذا الإخلاص والإيثار مَنَّ الله على المسلمين، ومكن لهم دينهم الذي ارتضى لهم، وبدلهم من بعد خوفهم أمنًا، وإن في ذلك لعبرة ...