أخبركم عنه، فسمعنما صوت رجل يدعونا إليه حتى أخذناه1 ...
وهكذا ذكر لهم من الأمارات والعلامات ما لا سبيل إلى الطعن فيه، ولكنهم على الرغم من ذلك كله لم يزدادوا إلا كفرًا وعنادًا، ولم يزدد الرسول -صلى الله عليه وسلم- بإزاء ذلك العناد منهم إلا صبرًا وجهادًا ...
وأما أقوياء العقيدة من المؤمنين المخلصين، فقد زادهم هذا الحادث العجيب إيمانًا على إيمانهم. وحسبنا في ذلك موقف أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- فلقد ذهب إليه أناس وقالوا له: ما تقول يا أبا بكر في صاحبك؟ يزعم أنه قد جاء هذه الليلة بيت المقدس وصلى فيه ورجع إلى مكة.
فقال لهم أبو بكر في ثقة المؤمن المخلص: والله لئن كان قال لكم ذلك، لقد صدق، والله إنه ليخبرني أن الخبر يأتيه من السماء إلى الأرض في ساعة من ليلٍ أو نهارٍ فأصدقه، فهذا أبعد ما تعجبون منه!
ثم أقبل حتى انتهى إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبره الرسول بما وقع له من ذلك الحادث العجيب، فلم يزدد الصديق المؤمن إلا إيمانًا بالرسول -صلى الله عليه وسلم- وتصديقًا، حتى لقد سمِّي منذ ذلك اليوم صديقًا2.