السابعة عشرة: عمق علم السلف لقوله: قد أحسن من انتهى إلى ما سمع ولكن كذا وكذا. فعلم أن الحديث الأول لا يخالف الثاني.
الثامنة عشرة: بعد السلف عن مدح الإنسان بما ليس فيه.
التاسعة عشرة: قوله: «أنت منهم» علم من أعلام النبوة.
العشرون: فضيلة عكاشة.
الحادية والعشرون: استعمال المعاريض.
الثانية والعشرون: حسن خلقه صلى الله عليه وسلم.
باب من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب وهذا الباب تكميل للباب الذي قبله وتابع له.
فإن تحقيق التوحيد تهذيبه وتصفيته من الشرك الأكبر والأصغر، ومن البدع القولية الاعتقادية، والبدع الفعلية العملية، ومن المعاصي، وذلك بكمال الإخلاص لله في الأقوال والأفعال والإرادات، وبالسلامة من الشرك الأكبر المناقض لأصل التوحيد، ومن الشرك الأصغر المنافي لكماله، وبالسلامة من البدع والمعاصي التي تكدر التوحيد، وتمنع كماله وتعوقه عن حصول آثاره.
فمن حقق توحيده بأن امتلأ قلبه من الإيمان والتوحيد والإخلاص، وصدقته الأعمال بأن انقادت لأوامر الله طائعة منيبة مخبتة إلى الله ولم يجرح ذلك بالإصرار على شيء من المعاصي، فهذا الذي يدخل الجنة بغير حساب، ويكون من السابقين إلى دخولها وإلى تبوء المنازل منها.
ومن أخص ما يدخل في تحقيقه: كمال القنوت لله وقوة التوكل على الله بحيث لا يلتف القلب إلى المخلوقين في شأن من شؤونه، ولا يستشرف إليهم بقلبه، ولا يسألهم بلسان مقاله أو حاله، بل يكون ظاهره وباطنه، وأقواله وأفعاله، وحبه وبغضه، وجميع أحواله كلها مقصودا بها وجه الله، متبعا فيها رسول الله.
والناس في هذا المقام العظيم درجات: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا}
وليس تحقيق التوحيد بالتمني ولا بالدعاوى الخالية من الحقائق، ولا بالحلى العاطلة، وإنما ذلك بما وقر في القلوب من عقائد الإيمان وحقائق الإحسان وصدقته الأخلاق الجميلة، والأعمال الصالحة الجليلة.
فمن حقق التوحيد على هذا الوجه حصلت له جميع الفضائل المشار إليها في الباب السابق بأكملها والله أعلم.