وعن أنس رضي الله عنه: «أن ناسا قالوا: يا رسول الله، يا خيرنا وابن خيرنا وسيدنا وابن سيدنا، فقال: يا أيها الناس قولوا بقولكم، ولا يستهوينكم الشيطان، أنا محمد عبد الله ورسوله، وما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل» . رواه النسائي بسند جيد.

فيه مسائل: الأولى: تحذير الناس من الغلو.

الثانية: ما ينبغي أن يقول من قيل له: " أنت سيدنا ".

الثالثة: قوله: " لا يستجرينكم الشيطان " مع أنهم لم يقولوا إلا الحق.

الرابعة: قوله: " ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي ".

باب

ما جاء في حماية المصطفى صلى الله عليه وسلم حمى التوحيد وسده طرق الشرك تقدم نظير هذه الترجمة وأعادها المصنف اهتماما بالمقام، فإن التوحيد لا يتم ولا يحفظ ويحصن إلا باجتناب جميع الطرق المفضية إلى الشرك، والفرق بين البابين أن الأول فيه حماية التوحيد بسد الطرق الفعلية، وهذا الباب فيه حمايته وسده بالتأدب والتحفظ بالأقوال.

فكل قول يفضي إلى الغلو الذي يخشى منه الوقوع في الشرك فإنه يتعين اجتنابه ولا يتم التوحيد إلا بتركه.

والحاصل أن تمام التوحيد بالقيام بشروطه وأركانه ومكملاته ومحققاته، وباجتناب نواقضه ومنقصاته ظاهرا وباطنا، قولا وفعلا وإرادة واعتقادا.

وقد مضى من التفاصيل ما يوضح ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015