فيه مسائل: الأولى: تفسير الآيتين في آل عمران.
الثانية: النهي الصريح عن قول: " لو " إذا أصابك شيء.
الثالثة: تعليل المسألة بأن ذلك يفتح عمل الشيطان.
الرابعة: الإرشاد إلى الكلام الحسن.
الخامسة: الأمر بالحرص على ما ينفع، مع الاستعانة بالله.
السادسة: النهي عن ضد ذلك وهو العجز.
باب ما جاء في اللو اعلم أن استعمال العبد للفظة: " لو " على قسمين: مذموم ومحمود.
أما المذموم فكأن يقع منه أو عليه أمر لا يحبه فيقول: لو أني فعلت كذا لكان كذا، فهذا من عمل الشيطان، لأن فيه محذورين:
أحدهما: أنها تفتح عليه باب الندم والسخط والحزن الذي ينبغي له إغلاقه وليس فيها نفع.
الثاني: أن في ذلك سوء أدب على الله وعلى قدره فإن الأمور كلها والحوادث دقيقها وجليلها بقضاء الله وقدره، وما وقع من الأمور فلا بد من وقوعه، ولا يمكن رده، فكان في قوله: لو كان كذا أو لو فعلت كذا كان كذا، نوع اعتراض ونوع ضعف إيمان بقضاء الله وقدره.
ولا ريب أن هذين الأمرين المحذورين لا يتم للعبد إيمان ولا توحيد إلا بتركهما.
وأما المحمود من ذلك فأن يقولها العبد تمنيا للخير أو تعليما للعلم والخير.
كقوله صلى الله عليه وسلم: «لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ولأهللت بالعمرة» ، وقوله في الرجل المتمني للخير: «لو أن لي مثل مال فلان لعملت فيه مثل عمل فلان» ، و «لو صبر أخي موسى ليقص الله علينا من نبأهما» . أي في قصته مع الخضر.
وكما أن " لو " إذا قالها متمنيا للخير فهو محمود، فإذا قالها متمنيا للشر فهو مذموم.
فاستعمال " لو " تكون بحسب الحال الحامل عليها.
إن حمل عليها الضجر والحزن وضعف الإيمان بالقضاء والقدر أو تمني الشر كان مذموما.
وإن حمل عليها الرغبة في الخير والإرشاد والتعليم كان محمودا ولهذا جعل المصنف الترجمة محتملة للأمرين.