قلبه من الرياء، وتقاوم العمل لله وما خالطه من شائبة الرياء. والرياء آفة عظيمة، ويحتاج إلى علاج شديد، وتمرين النفس على الإخلاص، ومجاهدتها في مدافعة خواطر الرياء والأغراض الضارة، والاستعانة بالله على دفعها لعل الله يخلص إيمان العبد ويحقق توحيده.
وأما العمل لأجل الدنيا وتحصيل أغراضها:
فإن كانت إرادة العبد كلها لهذا المقصد، ولم يكن له إرادة لوجه الله والدار الآخرة، فهذا ليس له في الآخرة من نصيب. وهذا العمل على هذا الوصف لا يصدر من مؤمن؛ فإن المؤمن ولو كان ضعيف الإيمان، لا بد أن يريد الله والدار الآخرة.
وأما من عمل العمل لوجه الله ولأجل الدنيا، والقصدان متساويان أو متقاربان، فهذا وإن كان مؤمنا فإنه ناقص الإيمان والتوحيد والإخلاص، وعمله ناقص لفقده كمال الإخلاص. وأما من عمل لله وحده وأخلص في عمله إخلاصا تاما، ولكنه يأخذ على عمله جعلا ومعلوما يستعين به على العمل والدين، كالجعالات التي تجعل على أعمال الخير، وكالمجاهد الذي يترتب على جهاده غنيمة أو رزق، وكالأوقاف التي تجعل على المساجد والمدارس والوظائف الدينية لمن يقوم بها، فهذا لا يضر أخذه في إيمان العبد وتوحيده لكونه لم يرد بعمله الدنيا، وإنما أراد الدين وقصد أن يكون ما حصل له معينا له على قيام الدين.
ولهذا جعل الله في الأموال الشرعية كالزكوات وأموال الفيء وغيرها جزءا كبيرا لمن يقوم بالوظائف الدينية والدنيوية النافعة، كما قد عرف تفاصيل ذلك. فهذا التفصيل يبين لك حكم هذه المسألة كبيرة الشأن، ويوجب لك أن تنزل الأمور منازلها والله أعلم.