الفصل الثالث
مرتبتا تغيير المنكر أو طريقا الدعوة إلى الله
للدعوة إلى الله طريقان طريق اللين، وطريق الغلظة والقسوة.
ولتغيير المنكر مرتبتان مرتبة اللين، ومرتبة الشدة.
وهو الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وإيضاح الأدلة في أحسن أسلوب وألطفه، وقد أرشد القرآن الكريم إلى هذه الطريق وأمر بها في قوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (?) أي: ليكن دعاؤك للخلق مسلمهم وكافرهم، إلى سبيل ربك المستقيم، المشتمل على العلم النافع والعمل الصالح بالحكمة، أي: ليكن بالوجه الحسن، برفق ولين وحسن خطاب، فأمره تعالى بلين الجانب كما أمر به موسى وهارون -عليهما السلام- حين بعثهما إلى فرعون في قوله: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} (?) ومن الحكمة مراعاة الأحوال في المدعوين، كل أحد على حسب حاله وفهمه، وقبوله وانقياده، ومن الحكمة الدعوة بالعلم لا بالجهل، وبالأقرب إلى الأذهان والفهم.