فرق بين الأحوال والأشخاص والأزمان في الهجر بحسب المصلحة، كما تبين من الحكمة في الهجر، فزمان يهجر فيه، وزمان لا يهجر فيه، كما إذا كان الناس حدثاء عهد بجاهلية، فينبغي أن يراعى في حقهم الأصلح، من التأليف وترغيبهم في الإسلام، ودخولهم فيه وعدم تنفيرهم، ليعلموا أن هذه الملة المحمدية حنيفية في الدين، سمحة في العمل، كما قال صلى الله عليه وسلم لما جاء أهل الحبشة يلعبون بحرابهم في المسجد، فقام ينظر إليهم وقال: «لِتَعْلَمَ يَهُودُ أَنَّ فِي دِينِنَا فُسْحَةً إِنِّي بُعِثْتُ بِحَنِيفِيَّةٍ سَمْحَةٍ» (?) (?) وإذا كان الناس في زمن قوة الدين وعزته، والقوة والغلبة للدعاة والآمرين بالمعروف والناهيين عن المنكر، استعمل الهجر لأن المصلحة فيه, وكذلك الأشخاص، شخص يهجر وشخص لا يهجر، فيفرق بين الأئمة المطاعين والقادة والأكابر وغيرهم، فلا يهجر القادة الذي يرون أن في ذلك غضاضة عليهم ونقصًا في حقهم، الذين ربما حصل منهم بسبب الهجر تعدّ بيد أو لسان، لأن من القواعد الشرعية: أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح, ومن عاداهم يهجر إذا كانت المصلحة في الهجر.