من صِفَات الْإِلَه كَونه خَالِقًا وَلَا خَالق إِلَّا الله فَلَا إِلَه إِلَّا الله وَغَيره مَخْلُوق والمخلوق لَا يكون شَرِيكا لخالقه ((أَفَمَن يخلق كمن لَا يخلق أَفلا تذكرُونَ)) تَكْمِيل الطوائف الْمُخَالفَة فِي التَّوْحِيد النَّصَارَى وَالْمَجُوس والصابئة والمنجمون والطبائعيون فَأَما النَّصَارَى فَكَفرُوا بأقوالهم الْفَاسِدَة ومذاهبهم الضَّالة فِي عِيسَى وَأمه عَلَيْهِمَا السَّلَام وأبلغ الرَّد عَلَيْهِم مَضْمُون خمس آيَات (الأولى) قَوْله ((كَانَا يأكلان الطَّعَام)) فَذَلِك صفة الْحُدُوث والعبودية لَا صفة الربوبية (الثَّانِيَة) قَوْله ((إِن مثل عِيسَى عِنْد الله كَمثل آدم)) أَي من قدر على خلق الْإِنْسَان من غير أم وَلَا ولد قَادر على خلق آخر بِأم دون وَالِد (الثَّالِثَة) قَوْله ((قُولُوا اتخذ الله ولدا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيّ)) فَإِن الْغَنِيّ الْمُطلق لَا يحْتَاج إِلَى زَوْجَة وَلَا ولد وَلَا إِلَى أحد (الرَّابِعَة) قَوْله ((وَمَا يَنْبَغِي للرحمن أَن يتَّخذ ولدا إِن كل من فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض إِلَّا آتِي الرَّحْمَن عبدا)) فَإِن الربوبية والعبودية لَا يَجْتَمِعَانِ (الْخَامِسَة) قَول عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام ((إِنِّي عبد الله)) وَقَوله ((يَا بني إِسْرَائِيل اعبدوا الله رَبِّي وربكم)) فاعترافه على نَفسه بالعبودية بَيَان كذب من وَصفه بالربوبية وَأما الْمَجُوس فَكَفرُوا بِعبَادة النُّور وَالرَّدّ عَلَيْهِم قَوْله ((وَجعل الظُّلُمَات والنور)) فَإِن الْمُحدث الْمَخْلُوق لَا يكون إِلَهًا وَأما الصابئة فَكَفرُوا فَكَفرُوا بِعبَادة الْمَلَائِكَة ونسبتهم إِلَى الله وَالرَّدّ عَلَيْهِم قَوْله ((بل عباد مكرمون)) وَأما المنجمون فأثبتوا للكواكب تَأْثِيرا فِي الْوُجُود وَالرَّدّ عَلَيْهِم قَوْله ((وَالشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم مسخرات بأَمْره)) والمسخر مَمْلُوك مقهور وَقَوله ((لَا تسجدوا للشمس وَلَا للقمر واسجدوا لله الَّذِي خَلقهنَّ)) فَكيف يُشَارك مَخْلُوق خالقه وَأما الطبائعيون فنسبوا الْأَفْعَال للطبيعة وَالرَّدّ عَلَيْهِم قَوْله ((ثَمَرَات مُخْتَلفَة ألوانها)) وَقَوله ((تسقى بِمَاء وَاحِد ونفضل بَعْضهَا على بعض فِي الْأكل)) فَإِن اخْتِلَاف الأشكال والألوان والروائح والطعوم وَالْمَنَافِع والمضار دَلِيل على الْفَاعِل الْمُخْتَار إِشَارَة صوفية التَّوْحِيد نَوْعَانِ عَام وخاص فالعام عدم الْإِشْرَاك الْجَلِيّ وَهُوَ مقَام الْإِيمَان الْحَاصِل لجَمِيع الْمُؤمنِينَ وَالْخَاص عدم الْإِشْرَاك الْخَفي وَهُوَ مقَام الْإِحْسَان وَهُوَ خَاص بالأولياء العارفين رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ
وَهُوَ معنى قَوْلنَا سُبْحَانَ الله وَذَلِكَ أَن تؤمن بِأَنَّهُ لَيْسَ كمثله شَيْء وَلَا هُوَ مثل شَيْء لَا يشبه شَيْئا وَلَا يُشبههُ شَيْء تَعَالَى أَن يكون لَهُ شَبيه أَو مثيل أَو عديل أَو نَظِير أَو قرين وَأَنه لَا يفْتَقر إِلَى شَيْء وَإِن كل شَيْء إِلَيْهِ فَقير وَأَنه لَا يَلِيق بِهِ نقص وَلَا عيب بل تقدس عَن كل نقص وتبرأ من جَمِيع الْعُيُوب وَأَنه لَا تَأْخُذهُ سنة وَلَا نوم وَلَا تلْحقهُ آفَة وَلَا يُصِيبهُ عجز وَلَا نصب وَلَا لغوب وَأَنه لَا تَنْفَعهُ طَاعَة الْعباد وَلَا تضره الذُّنُوب وَأَنه لَا يَمُوت وَلَا يفنى وَلَا يضل وَلَا ينسى وَلَا يكون فِي