الدَّوَابّ ومأوى الْحَيَّات السَّادِس أَن يعجل الرُّجُوع إِلَى أَهله إِذا قضى مهمته من سَفَره السَّابِع أَن يدْخل فِي صدر النَّهَار وَلَا يَأْتِي أَهله طروقا
اخْتلفت مَذَاهِب النَّاس فِي صُحْبَة النَّاس فَمنهمْ من اخْتَار الصُّحْبَة لقصد النَّفْع والإنتفاع ولفضل الْأُخوة فِي الله تَعَالَى وَمِنْهُم من اخْتَار الإنقباض وَالْعُزْلَة لِأَنَّهَا أقرب إِلَى السَّلامَة وَلِأَن شُرُوط الصُّحْبَة قل مَا تُوجد وَالنَّاس ثَلَاثَة أَصْنَاف أصدقاء وَقَلِيل مَا هم ومعارف وهم أضرّ النَّاس عَلَيْهِ وَمن لَا يعرفك وَلَا تعرفه فقد سلمت مِنْهُ وَسلم مِنْك فَأَما الصّديق فشروطه سَبْعَة (الأول) أَن يكون سنيا فِي اعْتِقَاده (الثَّانِي) أَن يكون تقيا فِي دينه فَإِنَّهُ إِن كَانَ بدعيا أَو فَاسِقًا رُبمَا جر صَاحبه إِلَى مذْهبه أَو ظن النَّاس فِيهِ ذَلِك فَإِن الْمَرْء على دين خَلِيله (الثَّالِث) أَن يكون عَاقِلا فصحبة الأحمق بلَاء (الرَّابِع) أَن يكون حسن الْخلق فَإِن كَانَ سيء الْخلق لم تؤمن عداوته وتختبره بِأَن تغضبه فَإِن غضب فاترك صحبته (الْخَامِس) أَن يكون سليم الصَّدْر فِي الْحُضُور والغيبة لَا حقودا وَلَا حسودا وَلَا مرِيدا للشر وَلَا ذَا وَجْهَيْن (السَّادِس) أَن يكون ثَابت الْعَهْد غير ملول وَلَا متلول (السَّابِع) أَن يقوم بحقوقك كَمَا تقوم بحقوقه فَلَا خير فِي صُحْبَة من لَا يرى لَك من الْحق مثل الَّذِي ترى لَهُ وَحُقُوق الصّديق سَبْعَة ((الأول)) الْمُشَاركَة فِي المَال حَتَّى لَا يخْتَص أَحدهمَا بِشَيْء دون الآخر ((الثَّانِي)) الْإِعَانَة بِالنَّفسِ فِي قَضَاء الْحَاجَات وَتَقْدِيم حَاجته على حَاجَتك ((الثَّالِث)) الْمُوَافقَة لَهُ على أَقْوَاله والمساعدة لَهُ على أغراضه من غير مُخَالفَة وَلَا مُنَازعَة فَإِن الْمُخَالفَة توجب الْبغضَاء ((الرَّابِع)) الْعَفو عَن هفوات الصّديق والإغضاء عَن عيوبه فَمن طلب صديقا بِلَا عيب بَقِي بِلَا صديق ((الْخَامِس)) النَّصِيحَة لَهُ فِي دينه ودنياه ((السَّادِس)) الخلوص فِي مودته ظَاهرا وَبَاطنا حَاضرا وغائبا والإنتصار لَهُ فِي غيبته ((السَّابِع)) الدُّعَاء لَهُ بِظهْر الْغَيْب وَأما سَائِر النَّاس فحقوق الْمُسلم على الْمُسلم عشرَة أَن يسلم عَلَيْهِ إِذا لقِيه ويعوده إِذا مرض ويجيبه إِذا دَعَاهُ ويشمته إِذا عطس وَيشْهد جنَازَته إِذا مَاتَ ويبر قسمه إِذا أقسم وَينْصَح لَهُ إِذا استنصحه وَيُحب لَهُ من الْخَيْر مَا يحب لنَفسِهِ ويكف عَنهُ شَره مَا اسْتَطَاعَ فالمسلم من سلم الْمُسلمُونَ من يَده وَلسَانه ويبذل لَهُ من خَيره مَا اسْتَطَاعَ فِي دينه ودنياه فَإِن لم يقدر على شَيْء فكلمة طيبَة فَإِن كَانَ من الْقَرَابَة فيزيد على ذَلِك حق صلَة الرَّحِم بِالْإِحْسَانِ والزيارة وَحسن الْكَلَام وَاحْتِمَال الْجفَاء وَإِن كَانَ جارا أَو ضيفا فَلهُ حق الضِّيَافَة والجوار وَإِن كَانَ مَمْلُوكا فَلهُ حق الرِّفْق بِهِ وتوفية حُقُوقه من كسوته وَطَعَامه وموجبات الْمَوَدَّة ثَلَاثَة أَن تبدأ أَخَاك بِالسَّلَامِ وَتوسع لَهُ الْمجْلس وَتَدْعُوهُ بِأحب أَسْمَائِهِ إِلَيْهِ وجماع حسن الْخلق ثَلَاثَة كف الْأَذَى