(الْفَصْل الرَّابِع) فِي الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وَهُوَ الاحتساب أَرْكَانه أَرْبَعَة الْمُحْتَسب والمحتسب فِيهِ والمحتسب عَلَيْهِ والاحتساب فَأَما الْمُحْتَسب فَلهُ شُرُوطه وَهِي أَن يكون عَاقِلا بَالغا مُسلما قَادِرًا على الإحتساب عَالما بِمَا يحْتَسب فِيهِ وَأَن يَأْمَن أَن يُؤَدِّي إِنْكَاره الْمُنكر إِلَى مُنكر أكبر مِنْهُ مثل أَن يُنْهِي عَن شرب خمر فيئول نَهْيه إِلَى قتل نفس وَأَن يعلم أَو يغلب على ظَنّه أَن إِنْكَاره الْمُنكر مزيل لَهُ وَأَن أمره بِالْمَعْرُوفِ نَافِع وفقد هَذَا الشَّرْط الْأَخير يسْقط الْوُجُوب فَيبقى الْجَوَاز وَالنَّدْب وفقد مَا قبله يسْقط الْجَوَاز وَاخْتلف هَل يجوز لِلْفَاسِقِ الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر أم لَا وَأما الْمُحْتَسب عَلَيْهِ فَكل إِنْسَان سَوَاء كَانَ مُكَلّفا أَو غير مُكَلّف وَأما الْمُحْتَسب فِيهِ فَلهُ شُرُوطه وَهِي أَن يكون مُنْكرا لَا شكّ فِيهِ فَلَا يحْتَسب فِيمَا مضى لَكِن يُقيم فِيهِ الْحُدُود أهل الْأَمر وَلَا فِيمَا يسْتَقْبل إِلَّا بالوعظ وَأَن يكون مَعْلُوما بِغَيْر تجسس فَكل من ستر على نَفسه وأغلق بَابه لَا يجوز أَن يتجسس عَلَيْهِ وَأما الإحتساب فَلهُ مَرَاتِب أَعْلَاهَا التَّغْيِير بِالْيَدِ فَإِن لم يقدر على ذَلِك انْتقل إِلَى اللِّسَان فَإِن لم يقدر على ذَلِك أَو خَافَ عاقبته انْتقل إِلَى الثَّالِثَة وَهِي التَّغْيِير بِالْقَلْبِ والتغيير اللِّسَان مَرَاتِب وَهِي النَّهْي والوعظ بِرِفْق وَذَلِكَ أولى ثمَّ التعنيف ثمَّ التَّشْدِيد
وَهِي (عشرُون) الْغَيْبَة وَهِي ذكر الْمُسلم بِمَا يكره وَإِن كَانَ ذَلِك حَقًا سَوَاء كَانَ ذَلِك فِي دينه أَو نسبه أَو خلقه أَو مَاله أَو فعله أَو قَوْله أَو غير ذَلِك وَهِي حرَام إِلَّا فِي عشرَة مَوَاضِع (أَحدهَا) التظلم وَهُوَ أَن يشكو بِمن ظلمه (الثَّانِي) الإستعانة على تَغْيِير الْمُنكر (الثَّالِث) الاستفثاء (الرَّابِع) التحذير من أهل الشَّرّ كأرباب الْبدع والتصانيف المضلة (الْخَامِس) أَن يكون الْإِنْسَان مَعْرُوفا بِمَا يعرف عَن عينه كالأعمش والأعرج (السَّادِس) أَن يكون مجاهرا بِالْفِسْقِ (السَّابِع) النَّصِيحَة لمن شاوره فِي نِكَاح أَو شُبْهَة (الثَّامِن) الْجرْح وَالتَّعْدِيل فِي الشُّهُود والرواة (التَّاسِع) الإِمَام الجائر (الْعَاشِر) زَاد بعضهمم إِذا كَانَ الْقَائِل وَالْمقول لَهُ عَالمين بِمَا وَقعت وَفِيه الْغَيْبَة وكما تحرم الْغَيْبَة بِاللِّسَانِ تحرم بِالْقَلْبِ وَهُوَ سوء الظَّن وَيحرم الْهَمْز فالهمز عيب الْإِنْسَان فِي حُضُوره واللمز فِي عزيمته وَقيل بِالْعَكْسِ (الثَّانِي) الْبُهْتَان وَهُوَ ذكر الْمُسلم بِمَا يكرههُ وَهُوَ كَاذِب أَو غير مُتَحَقق وَهُوَ أَشد من الْغَيْبَة وَمِنْه الْقَذْف وَقد تقدم فِي بَابه وَكَفَّارَة الْغَيْبَة والبهتان والاستحلال من الْمَذْكُور وَقَالَ الْحسن يَكْفِي الإستغفار لَهُ وَقَالَ مُجَاهِد يثني عَلَيْهِ وَيَدْعُو لَهُ بِخَير وَذَلِكَ بعد شُرُوط التَّوْبَة الْمُتَقَدّمَة (الثَّالِث) الْكَذِب وَهُوَ حرَام إِلَّا فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع (أَحدهَا) فِي الْإِصْلَاح بَين النَّاس إِن اضْطر للكذب فِيهِ (وَثَانِيها) الخداع فِي الْحَرْب (وَثَالِثهَا) كذب الرجل لزوجته وَقيل إِنَّمَا