وَاجْتمعَ عَلَيْهِ قوم يسمون بالموحدين فَجرى بَينه وَبَين المرابطين حَرْب إِلَى أَن توفّي عَام أَرْبَعَة وَعشْرين وَخَمْسمِائة فَقَامَ خلفيته عبد الْمُؤمن بن عَليّ الْقَيْس فَملك الْمغرب كُله وأفريقية والأندلس وَتسَمى أَمِير الْمُؤمنِينَ وَعظم ملكه وساعدته دولته ثمَّ ((ابْنه أَبُو يَعْقُوب يُوسُف)) ثمَّ ((ابْنه الْمَنْصُور أَبُو يُوسُف يَعْقُوب)) وَكَانَ عَالما مُحدثا ألف كتاب التَّرْغِيب فِي الصَّلَاة وَحمل النَّاس على الظَّاهِرِيَّة وأحرق كتب الْمَالِكِيَّة ثمَّ ((ابْنه مُحَمَّد النَّاصِر بن الْمَنْصُور)) ثمَّ ((الْمُسْتَنْصر أَبُو يَعْقُوب يُوسُف بن النَّاصِر)) ثمَّ ((عبد الواحد بن أبي يَعْقُوب بن عبد المؤمن وَهُوَ المخلوع)) ثمَّ ((الْعَادِل عبد الله بن الْمَنْصُور)) ثمَّ ((الْمَأْمُون أَبُو الْعَلَاء إِدْرِيس بن الْمَنْصُور)) ثمَّ ((يحيى بن النَّاصِر)) ثمَّ ((الرشيد عبد الواحد بن الْمَأْمُون)) ثمَّ ((السعيد عَليّ بن الْمَنْصُور)) ثمَّ ((المرتضى عمر بن إِبْرَاهِيم بن إِسْحَاق بن أبي يَعْقُوب بن عبد الؤمن)) ثمَّ ((الواثق الْمَعْرُوف بِأبي دبوس وَهُوَ ((إِدْرِيس بن أبي عبد الله بن أبي حَفْص بن عبد المؤمن)) وَهُوَ آخِرهم قتل فِي محرم سنة سبع وَسِتِّينَ وسِتمِائَة فعدد خلفائهم بعد المهي ثَلَاثَة عشر وَمُدَّة خلافتهم مائَة سنة وَاثْنَانِ وَخَمْسُونَ سنة وَكَانَت دولتهم بالأندلس قد انقرضت بِقِيَام أَمِير الْمُؤمنِينَ المتَوَكل مُحَمَّد بن يُوسُف بن هود دَاعيا لبني الْعَبَّاس عَام أَرْبَعَة وَعشْرين وسِتمِائَة ثمَّ ظهر أَمِير الْمُسلمين الْغَالِب بِاللَّه ((مُحَمَّد بن يُوسُف بن نصر)) عَام تِسْعَة وَعشْرين وسِتمِائَة وَملك حَضْرَة غرناطة واستوطنها عَام خَمْسَة وَثَلَاثِينَ وَملك مَا بَقِي للْمُسلمين من بِلَاد الْمُسلمين الأندلس وأورثها أهل بَيته ثمَّ انقرضت دولة الْمُوَحِّدين بني عبد المؤمن بِقِيَام بني حَفْص عَلَيْهِم بتونس وَقيام بني عبد الوارد بتلمسان وَقيام بني مرين بالمغرب وَللَّه الْأَمر من قبل وَمن بعد
(الْفَصْل الأول) فِي فَضله وَمِنْه فرض عين وَفرض كِفَايَة فَفرض الْعين مَا يلْزم الْمُكَلف من معرفَة أصُول الدّين وفروعه فَإِذا بلغ وَجب عَلَيْهِ أَولا معرفَة الطَّهَارَة وَالصَّلَاة فَإِذا دخل رَمَضَان وَجب عَلَيْهِ معرفَة الصّيام فَإِن كَانَ لَهُ مَال وَجب معرفَة الزَّكَاة فَإِذا بَاعَ وَاشْترى وَجب عَلَيْهِ معرفَة الْبيُوع وَكَذَلِكَ سَائِر أَبْوَاب الْفِقْه وَأما فرض الْكِفَايَة فَهُوَ مَا زَاد على ذَلِك والاشتغال بِهِ أفضل من الْعِبَادَات لثَلَاثَة أوجه أَحدهَا النُّصُوص الْوَارِدَة فِي تَفْضِيل الْعَالم على العابد (الثَّانِي) أَن مَنْفَعَة الْعِبَادَة لصَاحِبهَا خَاصَّة وَمَنْفَعَة الْعلم لَهُ وَلغيره (الثَّالِث) أَن أجر الْعِبَادَة يَنْقَطِع بِالْمَوْتِ وَأجر الْعلم يبْقى أبدا لمن خلف علما ينْتَفع بِهِ بعده (الْفَصْل الثَّانِي) فِي شُرُوطه فَمِنْهَا مَا يشْتَرك فِيهِ الْعَالم والمتعلم وهما شَرْطَانِ أَحدهمَا إخلاص النِّيَّة فِيهِ لله تَعَالَى وَالْآخر الْعَمَل بِهِ وَمِنْهَا مَا