اخْتلف الْغَاصِب وَالْمَغْصُوب مِنْهُ فِي جنس الْمَغْصُوب أَو صفته أَو قدره وَلم يكن لأَحَدهمَا بَيِّنَة فَالْقَوْل قَول الْغَاصِب مَعَ يَمِينه وَالْغَاصِب ضَامِن لما غصبه سَوَاء تلف بِأَمْر الله أَو من مَخْلُوق
وَهُوَ أَعم من الْغَصْب لِأَن التَّعَدِّي يكون فِي الْأَمْوَال والفروج والنفوس والأبدان فَأَما التَّعَدِّي فِي النُّفُوس والأبدان فنذكره فِي بَاب الدِّمَاء وَالْقصاص وَنَذْكُر هُنَا فصلين فِي الْأَمْوَال والفروج (الْفَصْل الأول) فِي التَّعَدِّي فِي الْأَمْوَال وَهُوَ على أَرْبَعَة أَنْوَاع (الأول) أَخذ الرَّقَبَة وَهُوَ الْغَصْب الَّذِي تقدّمت أَحْكَامه فِي الْبَاب قبل هَذَا (الثَّانِي) أَخذ الْمَنْفَعَة دون الرَّقَبَة وَهُوَ ضرب من الْغَصْب وَيجب فِيهِ الْكِرَاء مُطلقًا (الثَّالِث) الإستهلاك بِإِتْلَاف الشَّيْء كَقَتل الْحَيَوَان أَو تحريق الثَّوْب كُله أَو تخريقه وَقطع الشّجر وَكسر الفخار وَإِتْلَاف الطَّعَام وَالدَّنَانِير وَالدَّرَاهِم وَشبه ذَلِك وَيجْرِي مجْرَاه التسبيب فِي التّلف كمن فتح حانوتا لرجل فَتَركه مَفْتُوحًا فَسرق أَو فتح قفص طَائِر فطار أَو حل دَابَّة فهربت أَو حل عبدا موثقًا فأبق أَو أوقد نَارا فِي يَوْم ريح فأحرقت شَيْئا أَو حفر بِئْرا بِحَيْثُ يكون حفره تَعَديا فَسقط فِيهِ إِنْسَان أَو بَهِيمَة أَو قطع وَثِيقَة فَضَاعَ مَا فِيهَا من الْحُقُوق فَمن فعل شَيْئا من ذَلِك فَهُوَ ضَامِن لما اسْتَهْلكهُ أَو أتْلفه أَو تسبب فِي إِتْلَافه سَوَاء فعل ذَلِك كُله عمدا أَو خطأ إِلَّا أَن أَبَا حنيفَة قَالَ لَا يضمن الطَّائِر من فتح قفصه فطار وَعَلِيهِ غرم الْمثل فِي الْمكيل والمعدود وَالْمَوْزُون وَغرم الْقيمَة يَوْم الْإِتْلَاف فِيمَا سوى ذَلِك فرعان (الْفَرْع الأول) إِذا خيف على الْمركب الْغَرق جَازَ طرح مَا فِيهِ من الْمَتَاع أذن أربابه أَو لم يأذنوا إِذا رجا بذلك نجاته وَكَانَ الْمَطْرُوح بَينهم على قدر أَمْوَالهم وَلَا غرم على من طَرحه (الْفَرْع الثَّانِي) إِذا اصطدم مركبان فِي جريهما فانكسر أَحدهمَا أَو كِلَاهُمَا فَلَا ضَمَان فِي ذَلِك (الرَّابِع) الْإِفْسَاد هُوَ على نَوْعَيْنِ (أَحدهمَا) أَن يذهب الْمَنْفَعَة الْمَقْصُودَة من الشَّيْء كمن قطع يَد عبد أَو رجل دَابَّة فَيُخَير صَاحبه بَين أَن يَأْخُذ قيمَة مَا نَقصه ذَلِك الْفساد أَو يُسلمهُ للمفسد وَيَأْخُذ قِيمَته مِنْهُ كَامِلَة وَالْآخر أَن يكون يَسِيرا فَيُصْلِحهُ من أفْسدهُ وَيَأْخُذ صَاحبه قيمَة مَا نقص كثقب الثَّوْب وَقطع ذَنْب الدَّابَّة إِلَّا أَن تكون لركوب ذَوي الهيئات فَقطع ذنبها كتعطيل مَنْفَعَتهَا بَيَان وَهَذَا كُله إِذا تعمد إِنْسَان مُكَلّف فَإِن كَانَ غير بَالغ فَيحكم عَلَيْهِ فِي التَّعَدِّي فِي الْأُمُور بِحكم الْبَالِغ إِذا كَانَ يعقل فَيغرم مَا أتْلفه إِن كَانَ لَهُ مَال فَإِن لم يكن لَهُ مَال أتبع بِهِ وَأما الصَّبِي الَّذِي لَا يعقل فَلَا شَيْء عَلَيْهِ فِيمَا أتْلفه من نفس أَو مَال كالعجماء وَقيل المَال هدر والدماء على الْعَاقِلَة كَالْمَجْنُونِ وَقيل المَال فِي