الْبَاب التَّاسِع فِي التَّحَمُّل وَالْأَدَاء ومستند علم الشَّاهِد وَفِيه خمس مسَائِل

(الْمَسْأَلَة الأولى) فِي تحمل الشَّهَادَة وأدائها وَكِلَاهُمَا فرض كِفَايَة إِلَّا أَن تعين أما التَّحَمُّل فَلَا يجب على الشَّاهِد أَن يتَحَمَّل إِلَّا أَن يفْتَقر إِلَيْهِ ويخشى تلف الْحُقُوق لعدمه وَأما أَدَاء الشَّهَادَة فَيجب على من تحملهَا إِذا كَانَ مُتَعَيّنا وَذَلِكَ إِذا لم يشْهد غَيره أَو تعذر أَدَاء سَائِر الشُّهُود ودعي إِلَى أَدَائِهَا من مَسَافَة قريبَة كالبريد والبريدين وَلَا يجوز أَخذ الْأُجْرَة على الْأَدَاء لِأَنَّهُ وَاجِب (الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة) فِي ابْتِدَاء الشَّاهِد بأَدَاء شَهَادَته قبل أَن يدعى إِلَى الْأَدَاء وَذَلِكَ على ثَلَاثَة أَقسَام (الأول) يجب عَلَيْهِ فِيهِ الإبتداء وَيجوز لَهُ وَذَلِكَ فِيمَا كَانَ من حُقُوق الله وَهُوَ يستدام فِيهِ التَّحْرِيم كَالطَّلَاقِ وَالْعتاق وَالشَّهَادَة بِالرّضَاعِ والأحباس (الثَّانِي) لَا يجب عَلَيْهِ فِيهِ الإبتداء وَيجوز لَهُ وَذَلِكَ فِيمَا كَانَ من حُقُوق الله وَلَا يستدام فِيهِ تَحْرِيم كَالزِّنَا وَشرب الْخمر وَترك الإبتداء بِالشَّهَادَةِ أولى لِأَنَّهُ ستر (الثَّالِث) لَا يبْدَأ فِيهِ بِالْأَدَاءِ حَتَّى يدعى فَإِن دعِي إِلَيْهِ أدّى وَإِن سكت عَنهُ ترك ذَلِك وَإِن بَدَأَ بهَا قبل أَن دعِي إِلَيْهَا لم تقبل مِنْهُ وَذَلِكَ فِي حُقُوق النَّاس بَعضهم على بعض فروع من كَانَت عِنْده شَهَادَة لرجل لَا يعلم بهَا صَاحبهَا فليخبره بهَا ثمَّ يُؤَدِّيهَا عِنْد الْحَاكِم إِن طلبه صَاحبهَا بِالْأَدَاءِ وَمن أدخلهُ رجلَانِ بَينهمَا للصلح جَازَ لَهُ أَن يشْهد بِالصُّلْحِ وَلَا يشْهد بِمَا أقرّ بِهِ أَحدهمَا وَمن قَالَ لَهُ رجلَانِ اسْمَع منا وَلَا تشهد علينا فَلَا يفعل فَإِن فعل واحتيج إِلَى شَهَادَته فليؤدها وَمن سمع رجلا يقر بِحَق فَلَا يشْهد عَلَيْهِ حَتَّى يستشهد لِأَنَّهُ يُمكن أَن يكون خَبرا عَمَّا تقدم إِلَّا أَن قَالَ الْمقر هُوَ عَليّ الْآن وَنَحْو من الْيَقِين وَمن أقرّ فِي الخلا وَجحد فِي الملا فَيجوز أَن يَجْعَل الْغَرِيم من يسمع إِقْرَاره خلف حَائِط أَو ستر إِلَّا إِن كَانَ الْمقر ضَعِيفا أَو مخدوعا فَلَا يجوز للشَّاهِد أَن يسْتَتر عَنهُ وَلَا تجوز الشَّهَادَة عَلَيْهِ بذلك (الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة) فِي الشَّهَادَة على الْخط وَقد اخْتلف فِيهَا وَلَكِن جرى الْعَمَل بجوازها وَهِي على ثَلَاثَة أَنْوَاع شَهَادَة الشَّاهِد على خطّ نَفسه وَشَهَادَة الشَّاهِد على خطّ شَاهد غَيره وَشَهَادَة الشَّاهِد على خطّ غَيره بِمَا أقرّ بِهِ (الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة لَا يجوز للْإنْسَان أَن يشْهد إِلَّا بِمَا علمه يَقِينا لَا يشك فِيهِ إِمَّا بِرُؤْيَة أَو سَماع إِلَّا أَنه تجوز الشَّهَادَة على شَهَادَة شَاهد آخر ونقلها عَنهُ بِالْقَاضِي إِذا تعذر أَدَاء الشَّاهِد الأول لمرضه أَو غيبته أَو مَوته أَو غير ذَلِك فِي جَمِيع الْحُقُوق ومنعها الشَّافِعِي فِي حُقُوق الله وَأَبُو حنيفَة فِي الْقصاص وَيَكْفِي شَاهِدَانِ فِي نقل شَهَادَة شَاهِدين وَقَالَ الشَّافِعِي أَرْبَعَة (الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة) تجوز الشَّهَادَة بِالسَّمَاعِ الفاشي فِي أَبْوَاب مَخْصُوصَة وَهِي عشرُون النِّكَاح وَالرّضَاع وَالْحمل والولادة وَالْمَوْت وَالنّسب وَالْوَلَاء وَالْحريَّة والأحباس وَالضَّرَر وتولية القَاضِي وعزله وترشيد السَّفِيه وَالْوَصِيَّة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015