الْمَعْرُوف عِنْد القَاضِي الآخر ثمَّ اكْتفى الْمُتَأَخّرُونَ بِمَعْرِِفَة خطه الثَّالِث المشافهة وَهِي غير كَافِيَة لِأَن أَحدهمَا فِي غير مَحل ولَايَته وَمن كَانَ فِي غير مَوضِع ولَايَته لم ينفذ حكمه وَلم يقبل خطابه نَوْعَانِ (الْفَرْع الأول) إِذا مَاتَ القَاضِي الْمَكْتُوب إِلَيْهِ أَو عزل لزم من ولي بعده أَعمال ذَلِك الْخطاب خلافًا لأبي حنيفَة (الْفَرْع الثَّانِي) إِذا خَاطب قَاض قَاضِيا فَإِن عرف أَنه أهل اللقضاء قبل خطابه وَإِن عرف أَنه لَيْسَ أَهلا لَهُ لم يقبله (الْفَصْل الثَّانِي) يحمم للحاضر إِذا سَأَلَ الحكم على الْغَائِب خلافًا لأبي حنيفَة وَابْن الماشجون وعَلى الْمَذْهَب فَلَا يَخْلُو أَن يكون فِي الْبَلَد أَو فِي غَيره فَإِن كَانَ فِي الْبَلَد أَو بمقربة مِنْهُ أحضرهُ القَاضِي بِخَاتم أَو كتاب أَو رَسُول فَإِن اعتذر بِمَرَض أَو شبهه أمره بِالتَّوْكِيلِ وَإِن تغيب لغير عذر أحضرهُ فهرا فَإِن لم يُوجد طبع على بَاب دَاره وَإِن كَانَ بَعيدا مَعْلُوم الْموضع كتب إِلَيْهِ إِمَّا أَن يُرْضِي خَصمه وَإِمَّا أَن يحضر مَعَه وَإِن كَانَ فِي بلد غير ولَايَته كتب إِلَى قَاضِي ذَلِك الْبَلَد بِالنّظرِ فِي قَضيته وغن كَانَ لَهُ ملك فِي الْبَلَد وَجَبت تَوْفِيَة الْحُقُوق مِنْهُ بعد أَن يُؤمر الطَّالِب لَهُ بِإِثْبَات حَقه وَيَمِين الْقَضَاء بعد الثُّبُوت وَإِثْبَات غيبته وترجى لَهُ الْحجَّة فَإِن كَانَ لَهُ عقار يُبَاع فِي دينه أمره القَاضِي بِإِثْبَات تملكه لَهُ واتصاله ثمَّ وَجه شُهُود الْحِيَازَة يشْهدُونَ على من شهد بِهِ ثمَّ أَمر بتقويمه وتسوقه ثمَّ قدم من يَبِيعهُ بِمَا قوم بِهِ أَو بأزيد من ذَلِك إِن بلغ فِي التسويق ثمَّ يقبض الثّمن وَيدْفَع إِلَى صَاحب الْحق

الْبَاب الرَّابِع فِي الحكم بَين الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعى عَلَيْهِ

وَهَذَا الْبَاب هُوَ عُمْدَة الْقَضَاء وَالْأَصْل فِيهِ قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَسلم ((الْبَيِّنَة على الْمُدَّعِي وَالْيَمِين على من أنكر)) وَفِيه ثَلَاثَة فُصُول (الْفَصْل الأول) فِي الْفرق بَين الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعى عَلَيْهِ وَقَالَ سعيد بن الْمسيب من عرف الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعى عَلَيْهِ لم يلتبس عَلَيْهِ مَا يحكم بَينهمَا قَالَ وَالْمُدَّعى هُوَ من يَقُول قد كَانَ كَذَا وَالْمُدَّعى عَلَيْهِ هُوَ من يَقُول لم يكن وَقَالَ غَيره الْمُدعى هُوَ الطَّالِب وَالْمُدَّعى عَلَيْهِ هُوَ الْمَطْلُوب وَقيل الْمُدَّعِي هُوَ الَّذِي دَعَا صَاحبه إِلَى الحكم وَالْمُدَّعى عَلَيْهِ هُوَ الْمَدْعُو وَقَالَ الْمُحَقِّقُونَ الْمُدَّعِي هُوَ من كَانَ قَوْله أَضْعَف لِخُرُوجِهِ عَن مَعْهُود أَو لمُخَالفَة أصل وَالْمُدَّعى عَلَيْهِ هُوَ من ترجح قَوْله بعادة أَو مُوَافقَة أصل أَو قرينَة فَالْأَصْل كمن أَن لَهُ مَالا على رجل فضعف قَول الطَّالِب وَهُوَ مُدع وترجح قَول الْمَطْلُوب وَهُوَ الْمُدعى عَلَيْهِ لِأَن الأَصْل بَرَاءَة الذِّمَّة فَلَو كَانَ الْحق ثَابتا وَقَالَ قد دَفعته صَار مُدعيًا لِأَن الأَصْل بَرَاءَة من الذِّمَّة من الدّفع وَلِأَن الأَصْل بَقَاؤُهُ عِنْده لِأَن الأَصْل بَقَاء مَا كَانَ على مَا كَانَ إِلَّا إِن كَانَ عرف يَقْتَضِي خلاف ذَلِك أَو قرينَة كمن حَاز شَيْئا ثمَّ ادعا غير فترجح قَول من حازه فَهُوَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015