فَرَمَاهُ فَقتله ثمَّ ظهر أَنه بقرة مثلا فَفِيهِ قَولَانِ فَإِن أرسل وَلم يقْصد شَيْئا معينا وَإِنَّمَا قصد مَا يَأْخُذ الْجَارِح أَو تقتل الْآلَة فِي جِهَة محصورة كالغار وَشبهه جَازَ على الْمَشْهُور خلافًا لأَشْهَب وَإِن كَانَت جِهَة غير مُعينَة كالمتسع من الأَرْض والغياض لم يجز خلافًا لأصبغ وَلَا خلاف فِي الْمَذْهَب أَنه لَا يُبَاح الْإِرْسَال على صيد يقوم بَين يَدَيْهِ وَلَو رأى الْجَارِح يضطرب وَلم ير الصَّائِد شَيْئا فَأرْسل عَلَيْهِ فَأَجَازَهُ مَالك مرّة وَكَرِهَهُ أُخْرَى وَقَالَ لَعَلَّه غير الَّذِي اضْطربَ عَلَيْهِ (الثَّالِث) أَن لَا يرجع الْجَارِح عَن الصَّيْد فَإِن رَجَعَ بِالْكُلِّيَّةِ لم يُؤْكَل وَكَذَلِكَ لَو اشْتغل بصيد آخر أَو بِمَا يَأْكُلهُ وَأَن توقف فِي مَوَاضِع الطّلب أكل وَهَذَا كُله إِنَّمَا يشْتَرط إِذا قَتله الْجَارِح فَإِن لم يقْتله ذكى (الرَّابِع) أَن لَا يُشَارِكهُ فِي الْعقر مَا لَيْسَ عقره ذَكَاة كَغَيْر الْمعلم فَإِن تَيَقّن أَن الْمعلم هُوَ الْمُنْفَرد بالعقر أكل وَإِن تَيَقّن خلاف ذَلِك أَو شكّ لم يُؤْكَل وَإِن غلب على ظَنّه أَنه الْقَاتِل فَفِيهِ خلاف وَإِن أدْركهُ غير منفوذ الْمقَاتل فذكاه أكل مُطلقًا (الْفَصْل الثَّالِث) فِي شُرُوط المصيد (الأول) يشْتَرط أَن يكون جَائِز الْأكل فَإِن الْحَرَام لَا يُؤثر فِيهِ الصَّيْد وَلَا الذَّكَاة (الثَّانِي) أَن يعجز عَن أَخذه فِي أصل خلقته كالوحوش والطيور فَإِن كَانَ متأنسا كَالْإِبِلِ وَالْبَقر وَالْغنم ثمَّ توحش لم يُؤْكَل بالصيد خلافًا لَهُم وَلابْن الْعَرَبِيّ فِي كل متأنس ند وَلابْن حبيب فِي الْبَقر خَاصَّة وَإِن قدر على المتوحش كَالَّذي يحصل فِي حبالة ذكي وَلم يُؤْكَل بعقر الإصطياد وَإِن تأنس المتوحش الأَصْل ثمَّ ند أكل بالإصطياد (الثَّالِث) أَن يَمُوت من الْجرْح لَا من صدم الْجَارِح وَلَا من الرعب وفَاقا لَهما وَأَجَازَ أَشهب أكله (الرَّابِع) أَن لَا يشك فِي صَيْده هَل هُوَ أَو غَيره وَلَا يشك هَل قتلته الْآلَة أَو لَا فَإِن شكّ لم يُؤْكَل وَلَو فَاتَ عَنهُ الصَّيْد ثمَّ وجده منفوذ الْمقَاتل لم يُؤْكَل فِي الْمَشْهُور وَقيل يُؤْكَل وَقيل يكره فَلَو رَمَاه فَوَقع فِي مَاء أَو تردى من جبل لم يُؤْكَل إِذْ لَعَلَّ مَوته من الْغَرق أَو التردي إِلَّا أَن يكون سَهْمه قد أنفذ مقاتله قبل ذَلِك فَلَا يضرّهُ الْغَرق أَو التردي (الْخَامِس) أَن يذكي إِن لم تكن مقاتلة قد أنفذت فَإِن أدْركهُ حَيا وَقدر على تذكيته فَلم يذكه حَتَّى مَاتَ أَو قَتله الْجَارِح لم يُؤْكَل وَإِن قَتله الْجَارِح قبل أَن يقدر عَلَيْهِ أكل فِي الْمَشْهُور وفَاقا للشَّافِعِيّ خلافًا لأبي حنيفَة وَلَا يشْتَرط أَن لَا يَأْكُل مِنْهُ الْجَارِح فِي الْمَشْهُور خلافًا للشَّافِعِيّ وَابْن حَنْبَل وَابْن حزم وَالْمُنْذر البلوطي فروع تِسْعَة مُتَفَرِّقَة (الْفَرْع الأول) إِذا قطعت الْآلَة والجارح عضوا من الصَّيْد لم يجز أكل الْعُضْو لِأَنَّهُ ميتَة إِذا قطع من حَيّ وَيجوز أكل سائره إِلَّا الرَّأْس إِذا قطع فيؤكل وَلَو كَانَ الْمَقْطُوع النّصْف فَأكْثر جَازَ أكل الْجَمِيع (الْفَرْع الثَّانِي) قَالَ مَالك فِي الْعُتْبِيَّة والموازية إِذا رمى بِسَهْم مَسْمُوم لم يُؤْكَل خوفًا على من أكله وَلَعَلَّه أعَان على قَتله قَالَ ابْن رشد إِذا لم ينفذ مقاتله وَلم تدْرك ذَكَاته لم يُؤْكَل بِاتِّفَاق فَإِن أدْركْت ذَكَاته فَمَنعه مَالك وَابْن حبيب وَأَجَازَهُ سَحْنُون قَالَ وَهُوَ أظهر فَإِن أنفذ السهْم المسموم مقاتله فَمَنعه ابْن حبيب قَالَ الْبَاجِيّ إِن كَانَ السم من السمُوم الَّتِي تؤمن وَلَا يتقى على أكلهَا كالبقلة جَازَ على أصل ابْن الْقَاسِم