الربانية والأسرار الَّتِي كَانَت محجوبة عَنْهَا عقول الْبَريَّة مَا يدل قطعا على أَنه تَنْزِيل من الرَّحْمَن الرَّحِيم (وَالثَّانِي) مَا ظهر على يَدَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من المعجزات الخوارق للعادات وَهِي كَثِيرَة جدا (وَالثَّالِث) مَا سبق قبله من الْإِعْلَام بِهِ والمبشرات (الرَّابِع) مَا ظهر لسَائِر أمته من الكرامات فَإِنَّهَا دَلِيل على صِحَة دينهم وَصدق متبوعهم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَانْظُر ظُهُور دينه فِي الْمَشَارِق والمغارب وَحفظه من التَّغْيِير والتبديل مُنْذُ أَزِيد من سَبْعمِائة عَام يظْهر لَك أَن ذَلِك بِأَمْر سماوي واعتقاد رباني (وَالْخَامِس) مَا وهبه الله من الْأَخْلَاق الْعَظِيمَة وَالشَّمَائِل الْكَرِيمَة الَّتِي لَا يجمعها الله إِلَّا لأحب عباده وَأكْرمهمْ عَلَيْهِ وحسبك قَوْله سُبْحَانَهُ ((وَإنَّك لعلى خلق عَظِيم)) وَاعْلَم أَن معجزاته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالنّظرِ إِلَى نقلهَا تَنْقَسِم ثَلَاثَة أَقسَام (الأول) مَا نقطع بِصِحَّتِهِ فتقوم بِهِ الْحجَّة وَإِن كَانَ وَاحِدًا على انْفِرَاده كالقرآن الْعَظِيم وكانشقاق الْقَمَر لوروده فِي الْقُرْآن وكنبع المَاء من بَين أَصَابِعه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وتكثير الطَّعَام الْقَلِيل لاشتهار ذَلِك وانتشاره وعدول رُوَاته ووقوعه فِي مشَاهد عَظِيمَة ومحافل كَثِيرَة (الثَّانِي) مَا نقطع بِصِحَّة نَوعه لِكَثْرَة وُقُوعه وَإِن لم نقطع بِصِحَّة آحاده كالأخبار بالغيوب وَإجَابَة الدَّعْوَات فَإِن ذَلِك كثر مِنْهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى صَار مَجْمُوعَة مَقْطُوعًا بِهِ (الثَّالِث) مَا نقل نَوعه وأشخاصه نقل الْآحَاد وَلَكِن إِذا جمع إِلَى غَيره أَفَادَ الْقطع بِوُقُوع المعجزات
(الْمَسْأَلَة الأولى) الْإِيمَان بالبرزخ وَعَذَاب من شَاءَ فِي الْقُبُور وَذَلِكَ من الْقُرْآن قَوْله ((برزخ إِلَى يَوْم يبعثون)) وَقَوله ((النَّار يعرضون عَلَيْهَا غدوا وعشيا وَيَوْم تقوم السَّاعَة أدخلُوا آل فِرْعَوْن أَشد الْعَذَاب)) فَذَلِك دَلِيل على عَذَاب قبل يَوْم الْقِيَامَة وَمن السّنة أَخْبَار صَحِيحَة (الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة) سُؤال الْملكَيْنِ وَقد وَردت بِهِ الْأَحَادِيث الصِّحَاح وَإِلَيْهِ الْإِشَارَة بقوله ((يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَالْآخِرَة)) (الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة) قيام الْخلق من قُبُورهم وحشرهم إِلَى الْحساب وَالثَّوَاب وَالْعِقَاب فدليل جَوَازه قدرَة الله عز وَجل عَلَيْهِ ((وَهُوَ الَّذِي يبْدَأ الْخلق ثمَّ يُعِيدهُ وَهُوَ أَهْون عَلَيْهِ)) ((مَا خَلقكُم وَمَا بعثكم إِلَّا كَنَفس وَاحِدَة)) وَدَلِيل وُقُوعه وُرُود الشَّرَائِع ونطق الرُّسُل والكتب بِهِ وَلَا سِيمَا شريعتنا فقد أبلغت فِي النذارة والبشارة لتقوم الْحجَّة على الْعَالمين ثمَّ أَن الْحِكْمَة تَقْتَضِي مجازاة المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته ((ليجزي الله كل نفس مَا كسبت)) وَإِنَّمَا يظْهر ذَلِك فِي الدَّار الْآخِرَة لَا فِي الدُّنْيَا وَلَوْلَا الْجَزَاء الأخروي لاستوى الْمُؤمن وَالْكَافِر والمطيع والعاصي ((أفنجعل الْمُسلمين كالمجرمين)) (الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة) الْحساب على الْأَعْمَال وَقد نطق بِهِ الْكتاب وَالسّنة (الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة) الْقصاص بَين الْعباد