ضمان وإن لم يأذن فعلى وجهين بناء على الروايتين في البئر وتبعه ابن عقيل في الفصول على ذلك.
وقد مر الكلام في البئر مع أنهما قالا وقال أصحابنا في بوارى المسجد لا ضمان على فاعله وجها واحدا بأذن الإمام وغير إذنه لأن هذا من تمام مصلحته.
ومنها: لو جلس إنسان في المسجد أو طريق واسع وعثر به حيوان فمات فهل يضمنه أم لا؟
في المسألة وجهان أوردهما أبو الخطاب وتبعه أبو محمد المقدسي قال الحارثى ولم أر لأحد قبله هذا الخلاف.
وأصله ما مر من الروايتين في ربط الدابة بالطريق الواسع ومحله ما لم يكن الجلوس مباحا كالجلوس في المسجد مع الجنابة والحيض أو للبيع والشراء ونحو ذلك أما ما هو مطلوب كالاعتكاف والصلاة والجلوس لتعليم القرآن والسنة فلا يتأتى الخلاف فيه بوجه وكذلك ما هو مباح من الجلوس في جوانب الطرق الواسعة كبيع مأكول ونحوه لامتناع الخلاف في عدم جوازه لأنه جلس فيما يستحقه بالاختصاص فهو كالجلوس في ملكه من غير فرق وقد حكى القاضى الجزم في مسألة الطريق الواسع.
قال الحارثى وهذا التقييد حكاه بعض شيوخنا في كتبه عن بعض الأصحاب إذ لا بد منه لكنه يقتضى اختصاص الخلاف بالمسجد دون الطريق لأن الجلوس بالطريق الواسع إما مباح كما ذكرنا فلا ضمان وإما غير مباح كالجلوس وسط الحارة فالضمان واجب ولا بد.
وقد يقال هذا المعنى موجود بعينه في المسجد فالخلاف منتف أيضا.
فنقول الفرق بينهما أن المنع ثبت في الحارة لذات الجلوس فتمحض السبب بكليته عدوانا والمسجد المنع فيه لم يكن لذات المسجد بل المعنى قارنه وهو إما البيع أو الجنابة أو الحيض فلم يكن ذات السبب عدوانا وصار كمن جلس في ملكه بعد النداء للجمعة وعثر به حيوان فإنا لا نعلم قائلا بالضمان مع أن الجلوس ممنوع منه.