{إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} [الحجر: 42] أنه استثناء بالصفة وهو في الحقيقة تخصيص وأنه يجوز فيه الكل نحو اقتل من في الدار إلا بني تميم وإلا البيض فيكونون بيضا أو من بني تميم فيحرم قتلهم.
ونقل أبو حيان عن الفراء أن الاستثناء يجوز أن يكون أكثر ومثل بقول المقر له على ألف إلا ألفين قال إلا أنه يكون منقطعا.
وقد تقدم وتقرر أن المذهب لا يصح استثناء الأكثر فكيف صحح الأصحاب في الوصايا استثناء الربع من الثلث والخمس من الربع ونحو ذلك وقد بينه أبو الخطاب لذلك الإشكال في التهذيب1. وأجاب عنه بأن هذا ليس من باب استثناء الأكثر وإنما هو كأنه أوصى بشيء ثم رجع في بعضه وترك البعض.
وفي هذا الجواب نظر إذ هو تحويل للفظ الاستثناء إلى غير معنى الرجوع.
وأيضا فإن الرجوع لا يكون إلا بعد استقرار الحكم والاستثناء مانع من استقرار الحكم وحقيقته إخراج ما لولاه لدخل في اللفظ فهو مانع من دخول ما يقتضى اللفظ دخوله لا أنه يستقر دخوله ثم يخرج.
اللهم إلا أن يقال في تحريره إنا إنما منعنا استثناء الأكثر لأنه إبطال للفظ الأول لا تخصيص له وهو لا يملك إبطالهما بالرجوع فنزل استثناء الأكثر فيها منزلة الرجوع.
واستشكل الحارثي في مسألة من له ثلاث بنين وأوصى بمثل نصيب أحدهم إلا ربع المال فأورد هنا أن الاستثناء مستغرق لأن المثل مع الثلاثة ربع فكيف يستثنى منه الربع؟
وأجاب عنه بأن الاستثناء يتبع به النصيب فيتبع الوصية لأن الحاصل للوارث مع عدم الاستثناء ربع فقط ومع الاستثناء ربع وشيء فالمثل الموصى به كذلك فإذا استثنى منه الربع لم يكن الاستثناء مستغرقا.
ثم قال ولقائل أن يقول: الزيادة على الربع إنما تثبت بالاستثناء والقدر