وقد تبين بما ذكرناه أن الاستثناء على قول القاضي: ليس بتخصيص وعلى قول الأكثرين تخصيص لأن اللفظ قد أطلق لبعضه إرادة وإسنادا وعلى الأخير يحتمل لكونه أريد الكل وأسند إلى البعض ويحتمل أنه ليس بتخصيص لأنه أريد تمام مساواته.
وقال القاضي: أبو يعلى الاستثناء كلام ذو صيغ محصورة تدل على أن المذكور فيه لم يرد بالقول الأول.
ولا يلزم عليه القول المتصل بلفظ العموم نحو قولهم رأيت المؤمنين وما رأيت زيدا ولم أرى عمرا وخالدا لقولنا كلام ذو صيغ محصورة وحروف الاستثناء محصورة وليس الواو منها.
قال أبو العباس هذا الاستثناء في اصطلاح النحاة وأما الاستثناء في عرف الفقهاء فهذا منه قال ولهذا لو قال له هذه الدار ولى منها هذا البيت كان هذا استثناء عندهم فالاستثناء قد يكون بما هو أعم من ذلك كالجملة كما أن الاستثناء بالمشيئة هو استثناء في كلام النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والفقهاء وليس استثناء في العرف النحوي.
قلت إن أراد أبو العباس أن قول المقر له هذه الدار ولى منها هذا البيت أنه من الاستثناء العام باعتبار الإخراج من حيث الجملة فظاهر وإن أراد أنه مساو للفظة إلا أو ما قام مقامها ففيه إشكال إذ قد فرق الأصحاب بين قول المقر له هذه الدار وهذا البيت لي فإنه يصح ولو كان البيت معظمها وبين قوله له هذه الدار إلا ثلاثة أرباعها أو إلا ثلثيها فإنه استثناء للأكثر ولا يصح عندنا.
إذا تقرر هذا فههنا مسائل تتعلق بالاستثناء بإلا أو إحدى أخواتها وبالاستثناء بالمشيئة.
منها: أنه لا يجوز أن يستثنى الأكثر من عدد مسمى عند أصحابنا ذكره الخرقى وأبو بكر ونص عليه أحمد في الطلاق وقال به أكثر النحاة من البصريين وغيرهم ونصره ابن الباقلانى في كتاب التقريب من أصول الفقه.