الطَّلَاقِ وُقُوعَ الْفَسْخِ فَنَفَذَ.

وَالثَّانِي: لَا يَقَعُ وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ قَارَنَ الْمَانِعَ وَهُوَ الْمِلْكُ فَلَمْ يَنْفُذْ.

وَمِنْهَا إذَا تَزَوَّجَ أَمَةً ثُمَّ قَالَ لَهَا إنْ اشْتَرَيْتُك فَأَنْت طَالِقٌ وَفِيهِ الْوَجْهَانِ إنْ قُلْنَا يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ مَعَ الْخِيَارِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَإِنْ قُلْنَا لَا يَنْتَقِلُ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَجْهًا وَاحِدًا كَذَا اذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَفِي خِلَافِ الْقَاضِي إذَا حَلَفَ لَا يَبِيعُ فَبَاعَ بِشَرْطِ [الْخِيَارِ] هَلْ يَحْنَثُ أَنَّ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى نَقْلِ الْمِلْكِ وَعَدَمِهِ فَقِيَاسُ قَوْلِهِ إنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ هُنَا فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ إذَا قُلْنَا لَا يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ فِيهَا وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّينِ وَقَالَ يَحْنَثُ بِكُلِّ حَالٍ لِأَنَّ الْبَيْعَ قَدْ وُجِدَ.

وَمِنْهَا إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا إنْ كَلَّمْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ أَعَادَهُ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ بِالْإِعَادَةِ لِأَنَّهُ كَلَامٌ فِي الْمَشْهُورِ عِنْدَ الْأَصْحَابِ.

وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي عُمَدِ الْأَدِلَّةِ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِهَذَا الْكَلَامِ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ الْيَمِينِ الْأُولَى وَمُؤَكِّدٌ لَهَا، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ أَذَاهَا وَهَجْرُهَا وَإِضْرَارُهَا بِتَرْكِ كَلَامِهَا وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْإِعَادَةِ مَا يُنَافِي ذَلِكَ فَلَا يَحْنَثُ بِهِ وَهَذَا أَقْوَى وَالتَّفْرِيعُ عَلَى الْمَشْهُورِ فَإِذَا وَقَعَ الطَّلَاقُ بِالْإِعَادَةِ ثَانِيًا فَهَلْ يَنْعَقِدُ بِهِ يَمِينٌ ثَانِيَةٌ أَمْ لَا؟ فِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَنْعَقِدُ وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ وَالْخِلَافِ وَمَنْ اتَّبَعَهُ كَالْقَاضِي يَعْقُوبَ وَابْنِ عَقِيلٍ وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ صَاحِبِ الْمُغْنِي وَلَهُ مَأْخَذَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ مَأْخَذُ الْقَاضِي وَمَنْ اتَّبَعَهُ أَنَّ الْكَلَامَ يَحْصُلُ بِالشُّرُوعِ فِي الْإِعَادَةِ قَبْلَ إتْمَامِهَا فَيَقَعُ الطَّلَاقُ قَبْلَ إتْمَامِ الْإِعَادَةِ فَلَا يَنْعَقِدُ لِأَنَّ تَمَامَ الْيَمِينِ حَصَلَ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ.

وَالثَّانِي: وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي فِي نَظِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الطَّلَاقَ وَإِنْ وَقَفَ وُقُوعُهُ إلَى مَا بَعْدَ إنْهَاءِ الْإِعَادَةِ إلَّا أَنَّ الْإِعَادَةَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا الْبَيْنُونَةُ فَيَقَعُ انْعِقَادُ الْيَمِينِ مَعَ الْبَيْنُونَةِ فَيَخْرُجُ عَلَى الْخِلَافِ فِي ثُبُوتِ الْحُكْمِ مَعَ الْمَانِعِ أَوْ مَعَ سَبَبِهِ وَالْأَصَحُّ عِنْدَهُ عَدَمُهُ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ وَهُوَ اخْتِيَارُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ يَقِفُ وُقُوعُهُ عَلَى تَمَامِ الْإِعَادَةِ لِأَنَّ الْكَلَامَ الْمُطْلَقَ إنَّمَا يَنْصَرِفُ إلَى الْمُقَيَّدِ وَلَا تَحْصُلُ الْإِفَادَةُ بِدُونِ ذِكْرِ جُمْلَةِ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ فَيَقِفُ الطَّلَاقُ عَلَيْهِمَا وَيَقَعُ عَقِيبُهُمَا لِأَنَّهُمَا شَرْطٌ لِوُقُوعِهِ وَأَمَّا الْيَمِينُ فَوُجِدَتْ مَعَ شَرْطِ الطَّلَاقِ فَسَبَقَتْ وُقُوعُهُ.

يُوَضِّحُهُ أَنَّ الْيَمِينَ هِيَ اللَّفْظُ الْمُجَرَّدُ وَهُوَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ فَإِذَا قَالَ إنْ كَلَّمْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَهُوَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ إنْ حَلَفْتُ يَمِينًا بِطَلَاقِك عَلَى كَلَامِك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّ وُجُودَ الْيَمِينِ سَابِقَةٌ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ وَمِنْهَا إذَا قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ وَإِحْدَاهُمَا غَيْرُ مَدْخُولِ بِهَا إنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقِكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ ثُمَّ قَالَهُ ثَانِيًا فَإِنَّهُمَا يُطَلَّقَانِ طَلْقَةً [طَلْقَةً] عَلَى الْمَذْهَبِ الْمَشْهُورِ وَانْعَقَدَتْ الْيَمِينُ مَرَّةً ثَانِيَةً فِي حَقِّ الْمَدْخُولِ بِهَا.

وَأَمَّا فِي حَقِّ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَفِي انْعِقَادِهَا وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا تَنْعَقِدُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْخَطَّابِ وَصَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَمُقْتَضَى مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا لِأَنَّ الْيَمِينَ سَبَبُ الْبَيْنُونَةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015