[الْقَاعِدَةُ السَّابِعَةُ وَالْأَرْبَعُونَ فِي ضَمَانِ الْمَقْبُوضِ بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ]

ِ، كُلُّ عَقْدٍ يَجِبُ الضَّمَانُ فِي صَحِيحِهِ يَجِبُ الضَّمَانُ فِي فَاسِدِهِ وَكُلُّ عَقْدٍ لَا يَجِبُ الضَّمَانُ فِي صَحِيحِهِ لَا يَجِبُ الضَّمَانُ فِي فَاسِدِهِ.

وَنَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّ الْعَقْدَ الصَّحِيحَ إذَا كَانَ مُوجِبًا لِلضَّمَانِ فَالْفَاسِدُ كَذَلِكَ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الصَّحِيحُ مُوجِبًا لِلضَّمَانِ فَالْفَاسِدُ كَذَلِكَ، فَالْبَيْعُ وَالْإِجَارَةُ وَالنِّكَاحُ مُوجِبَةٌ لِلضَّمَانِ مَعَ الصِّحَّةِ فَكَذَلِكَ مَعَ الْفَسَادِ.

وَالْأَمَانَاتُ كَالْمُضَارَبَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْوِكَالَةِ الْوَدِيعَةِ وَعُقُودُ التَّبَرُّعَاتِ كَالْهِبَةِ لَا يَجِبُ الضَّمَانُ فِيهَا مَعَ الصِّحَّةِ.

فَكَذَلِكَ مَعَ الْفَسَادِ وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ، فَأَمَّا قَوْلُ أَصْحَابِنَا فِيمَنْ عَجَّلَ زَكَاتَهُ ثُمَّ تَلِفَ الْمَالُ وَقُلْنَا لَهُ الرُّجُوعُ بِهِ أَنَّهُ إذَا تَلِفَ ضَمِنَهُ الْقَابِضُ فَلَيْسَ مِنْ الْقَبْضِ الْفَاسِدِ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ وَقَعَ صَحِيحًا لَكِنَّهُ مُرَاعًى فَإِنْ بَقِيَ النِّصَابُ تَبَيَّنَّا أَنَّهُ قَبَضَ زَكَاةً، وَإِنْ تَلِفَ تَبَيَّنَّا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ زَكَاةً فَيَرْجِعُ بِهَا.

نَعَمْ إذَا ظَهَرَ قَابِضُ الزَّكَاةِ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا لِكَوْنِ الْقَبْضِ لَمْ يُمْلَكْ بِهِ وَهُوَ مُفَرِّطٌ بِقَبْضِ مَا لَا يَجُوزُ لَهُ قَبْضُهُ فَهَذَا مِنْ الْقَبْضِ الْبَاطِلِ لَا الْفَاسِدِ.

وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ كُلَّ حَالٍ ضَمِنَ فِيهَا فِي الْعَقْدِ الصَّحِيحِ وَضَمِنَ فِي مِثْلِهَا مِنْ الْفَاسِدِ فَإِنَّ الْبَيْعَ الصَّحِيحَ لَا يَجِبُ فِيهِ ضَمَانُ الْمَنْفَعَةِ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ الْعَيْنَ بِالثَّمَنِ.

الْمَقْبُوضُ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ يَجِبُ ضَمَانُ الْأُجْرَةِ فِيهِ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَالْإِجَارَةُ الصَّحِيحَةُ تَجِبُ [فِيهَا] الْأُجْرَةُ بِتَسْلِيمِ الْعَيْنِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا سَوَاءٌ انْتَفَعَ بِهَا الْمُسْتَأْجِرُ أَوْ لَمْ يَنْتَفِعْ، وَفِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ رِوَايَتَانِ:

إحْدَاهُمَا كَذَلِكَ.

وَالثَّانِيَة: لَا تَجِبُ الْأُجْرَةُ إلَّا بِالِانْتِفَاعِ، وَلَعَلَّهَا رَاجِعَةٌ إلَى أَنَّ الْمَنَافِعَ لَا تُضْمَنُ فِي الْغَصْبِ وَنَحْوِهِ إلَّا بِالِانْتِفَاعِ وَهُوَ الْأَشْبَهُ.

وَكَذَلِكَ يُخَرَّجُ فِي ضَمَانِ مَنْفَعَةِ الْمَبِيعِ هَهُنَا، وَلَكِنْ نَقَلَ [جَمَاعَةٌ] عَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِجَارَةَ الصَّحِيحَةَ لَا تَجِبُ فِيهَا الْأُجْرَةُ إلَّا بِقَدْرِ الِانْتِفَاعِ إذَا تَرَكَ الْمُسْتَأْجِرُ بَقِيَّةَ الِانْتِفَاعِ بِعُذْرٍ مِنْ جِهَتِهِ، وَتَأَوَّلَهَا الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَأَقَرَّهَا صَاحِبُ شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَالْقَاضِي أَيْضًا فِي بَعْضِ تَعَالِيقِهِ وَالنِّكَاحُ الصَّحِيحُ يَسْتَقِرُّ فِيهِ الْمَهْرُ بِالْخَلْوَةِ بِدُونِ الْوَطْءِ.

وَفِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ رِوَايَتَانِ أَيْضًا وَقَدْ قِيلَ إنَّ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْبُضْعَ هَلْ يَثْبُتُ عَلَيْهِ الْيَدُ أَمْ لَا.

وَقَدْ نُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ فِيمَا إذَا نَكَحَ الْعَبْدُ نِكَاحًا فَاسِدًا أَنَّهُ لَا مَهْرَ لَهَا وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ دُخُولٌ أَوْ عَلَى أَنَّهُمَا كَانَا عَالِمَيْنِ بِالتَّحْرِيمِ فَتَكُونُ زَانِيَةً.

وَنَقَلَ ابْنُ مشيش وَحَرْبٌ عَنْهُ أَنَّ الْمَبِيعَ الْمَقْبُوضَ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةِ ثَمَنٍ لَا يُضْمَنُ لِأَنَّهُ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ، وَقَدْ سَبَقَ ذَلِكَ وَالْعَمَلُ فِي الْمَذْهَبِ عَلَى خِلَافِهِ، إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَهَلْ يَضْمَنُ فِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ بِمَا سَمَّى فِيهِ أَوْ بِقِيمَةِ الْمِثْلِ؟ فِيهِ خِلَافٌ فِي مَسَائِلَ: مِنْهَا: الْمَبِيعُ وَالْمَعْرُوفُ فِي الْمَذْهَبِ ضَمَانُهُ بِالْقِيمَةِ لَا بِالثَّمَنِ الْمُسَمَّى [فِيهِ] نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015