خِلَافٌ وَالْأَظْهَرُ صِحَّةُ الْمَزِيَّةِ.
(فَمِنْ أَمْثِلَةِ صُوَرِ ذَلِكَ) مَا إذَا اجْتَمَعَ عَقْدُ نِكَاحٍ بَيْنَ أُمٍّ وَبِنْتٍ فَهَلْ يَبْطُلُ فِيهِمَا أَوْ يَصِحُّ فِي الْبِنْتِ لِصِحَّةِ وُرُودِ عَقْدِهَا عَلَى عَقْدِ الْأُمِّ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
(وَمِنْهَا) لَوْ جَمَعَ حُرٌّ وَاجِدٌ لِلطَّوْلِ أَوْ غَيْرُ خَائِفٍ لِلْعَنَتِ بَيْنَ حُرَّةٍ وَأَمَةٍ فِي عَقْدٍ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ مَنْصُوصَتَانِ: إحْدَاهُمَا يَبْطُلُ النِّكَاحَانِ مَعًا.
الثَّانِيَةُ: يَصِحُّ نِكَاحُ الْحُرَّةِ وَحْدَهَا. وَهِيَ أَصَحُّ لِأَنَّهَا تَمْتَازُ بِصِحَّةِ وُرُودِ نِكَاحِهَا عَلَى نِكَاحِ الْأَمَةِ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ فَهِيَ كَالْبِنْتِ مَعَ الْأُمِّ وَأَوْلَى لِجَوَازِ دَوَامِ نِكَاحِ الْأَمَةِ مَعَهَا عَلَى الصَّحِيحِ أَيْضًا.
(وَمِنْهَا) أَنْ يَتَزَوَّجَ حُرٌّ خَائِفٌ لِلْعَنَتِ غَيْرُ وَاجِدٍ لِلطَّوْلِ حُرَّةً تُعِفُّهُ بِإِفْرَادِهَا وَأَمَةً فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ وَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ نِكَاحُ الْحُرَّةِ وَحْدَهَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ ; لِأَنَّ الْحُرَّةَ تَمْتَازُ عَلَى الْأَمَةِ بِصِحَّةِ وُرُودِ نِكَاحِهَا عَلَيْهَا فَاخْتَصَّتْ بِالصِّحَّةِ.
وَالثَّانِي: يَصِحُّ نِكَاحُهُمَا مَعًا قَالَ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا ; لِأَنَّ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ قَبُولَ نِكَاحِ كُلِّ وَاحِدَة مِنْهُمَا عَلَى الِانْفِرَادِ فَيَصِحُّ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ أَمَةٍ ثُمَّ حُرَّةٍ. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ ; لِأَنَّ قُدْرَتَهُ عَلَى نِكَاحِ الْحُرَّةِ تَمْنَعُهُ مِنْ نِكَاحِ الْأَمَةِ بِمُقَارَنَةِ نِكَاحِ الْحُرَّةِ أَوْلَى بِالْمَنْعِ. أَمَّا إذَا كَانَ الْمُتَزَوِّجُ عَبْدًا وَقُلْنَا بِمَنْعِهِ مِنْ نِكَاحِ الْأَمَةِ عَلَى الْحُرَّةِ الَّتِي تُعِفُّهُ فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ كَالْحُرِّ سَوَاءٌ قَالَهُ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ.
وَالثَّانِي: يَصِحُّ جَمْعُهُ بَيْنَهُمَا فِي عَقْدٍ بِغَيْرِ خِلَافٍ وَ [. ....] وَصَاحِبُ الْمُغْنِي لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا تَمْنَعُهُ الْقُدْرَةُ عَلَى نِكَاحِ الْحُرَّةِ مِنْ نِكَاحِ الْأَمَةِ [.
.] مُقَارَنَةِ نِكَاحِهِمَا وَإِنَّمَا يُمْنَعُ بِسَبْقِ نِكَاحِ الْحُرَّةِ.
الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ لَا يَمْتَازُ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ بِمَوْتِهِ فَالْمَشْهُورُ الْبُطْلَانُ فِي الْكُلِّ إذْ لَيْسَ بَعْضُهَا أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي الصِّحَّةِ مِثْلُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَيْنِ فِي عَقْدٍ أَوْ خَمْسًا فِي عَقْدٍ فَالْمَذْهَبُ الْبُطْلَانُ فِي الْكُلِّ نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ وَأَبِي الْحَارِثِ وَنَقَلَ عَنْهُ ابْنُ مَنْصُورٍ إذَا تَزَوَّجَ أُخْتَيْنِ فِي عَقْدٍ يَخْتَارُ إحْدَاهُمَا وَتَأَوَّلَهُ الْقَاضِي عَلَى أَنَّهُ يَخْتَارُهَا بِعَقْدٍ مُسْتَأْنَفٍ وَهُوَ بَعِيدٌ. وَخَرَّجَ الْقَاضِي فِيمَا إذَا زَوَّجَ الْوَلِيَّانِ مِنْ رَجُلَيْنِ وَقَعَا مَعًا أَنَّهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا فَمَنْ أُقْرِعَ لَهُ فَهِيَ زَوْجَتُهُ وَيُخَرَّجُ هُنَا أَمْثِلَةٌ.
الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَجْمَعَا فِي صَفْقَةٍ شَيْئَيْنِ يَصِحُّ الْعَقْدُ فِيهِمَا أَمْ يَبْطُلُ الْعَقْدُ فِي أَحَدِهِمَا قَبْلَ اسْتِقْرَارِهِ فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِالْبُطْلَانِ دُونَ الْآخَرِ.
قَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً وَاحِدَةً ; لِأَنَّ التَّفْرِيقَ وَقَعَ هُنَا دَوَامًا لَا ابْتِدَاءً وَالدَّوَامُ أَسْهَلُ مِنْ الِابْتِدَاءِ وَمَعَ هَذَا فَقَدْ حَكَمُوا فِيمَا إذَا تَفَرَّقَ الْمُتَصَارِفَانِ عَنْ قَبْضِ بَعْضِ الصَّرْفِ أَنَّهُ يَبْطُلُ الْعَقْدُ فِيمَا لَمْ يَقْبِضْ وَفِي الْبَاقِي رِوَايَتَانِ. تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ وَهَذَا تَفْرِيقٌ فِي الدَّوَامِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْقَبْضُ فِي الصَّرْفِ شَرْطٌ لِانْعِقَادِ الْعَقْدِ لَا لِدَوَامِهِ وَأَنَّ الْعَقْدَ مُرَاعًى بِوُجُودِهِ.
صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ فَيَكُونُ التَّفْرِيقُ