بَقَاءُ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ وَالطَّعَامِ مُسْتَثْنًى إلَى أَوَانِ تَفْرِيغِهِ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ وَذَلِكَ مَجْهُولٌ، وَلَوْ اسْتَثْنَى بِلَفْظِهِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمُدَّةِ لَمْ يَصِحَّ.
وَمِنْهَا: لَوْ اشْتَرَى أَمَةً وَعَبْدًا مُحْرِمًا صَحَّ وَوَقَعَ مُدَّةَ إحْرَامِهِ مُسْتَثْنًى مِنْ الْبَيْعِ، وَسَوَاءٌ عَلِمَ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، مَعَ أَنَّ مُدَّةَ الْإِحْرَامِ لَا تَنْضَبِطُ لَا سِيَّمَا بِالْعُمْرَةِ قَدْ يَقَعُ الْإِبْطَاءُ فِي السَّيْرِ لِعَائِقٍ أَوْ غَيْرِهِ، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ: إنَّ الْمَسَافَةَ مَعْلُومَةٌ وَأَفْعَالَ النُّسُكِ مَعْلُومَةٌ فَصَارَ كَاسْتِثْنَاءِ ظَهْرِ الدَّابَّةِ إلَى بَلَدٍ مُعَيَّنٍ.
(الْقَاعِدَةُ الرَّابِعَة وَالثَّلَاثُونَ) : اسْتِحْقَاقُ مَنَافِعِ الْعَبْدِ بِعَقْدٍ لَازِمٍ يَمْنَعُ مِنْ سَرَيَانِ الْعِتْقِ إلَيْهَا كَالِاسْتِثْنَاءِ فِي الْعَقْدِ وَأَوْلَى ; لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الْحُكْمِيَّ أَقْوَى، وَلِهَذَا يَصِحُّ بَيْعُ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ وَالْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ عِنْدَ مَنْ لَا يَرَى اسْتِثْنَاءَ الْمَنَافِعِ فِي الْعَقْدِ خِلَافًا لِلشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ فِي قَوْلِهِ: يَسْرِي الْعِتْقُ إلَيْهَا إنْ لَمْ يَسْتَثْنِ، وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا مَسَائِلُ: مِنْهَا: إذَا عَتَقَتْ الْأَمَةُ الْمُزَوَّجَةُ لَمْ تَمْلِكْ مَنْفَعَةَ الْبُضْعِ الَّتِي هِيَ مَوْرِدُ النِّكَاحِ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ تَحْتَ الْعَبْدِ لِأَنَّهَا كَمُلَتْ تَحْتَ نَاقِصٍ فَزَالَتْ كَفَاءَتُهُ بِذَلِكَ، أَوْ تَعَبُّدًا غَيْرَ مَعْقُولِ الْمَعْنَى، وَمَنْ قَالَ بِسِرَايَةِ الْعِتْقِ قَالَ: قَدْ مَلَكَتْ بُضْعَهَا فَلَمْ يَبْقَ لِأَحَدٍ عَلَيْهَا مِلْكٌ فَصَارَ الْخِيَارُ لَهَا فِي الْمُقَامِ مَعَ الزَّوْجِ أَوْ مُفَارِقَتِهِ سَوَاءٌ كَانَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا، وَعَلَى هَذَا لَوْ اسْتَثْنَى مَنْفَعَةَ بُضْعِهَا لِلزَّوْجِ صَحَّ وَلَمْ تَمْلِكْ الْخِيَارَ سَوَاءٌ كَانَ زَوْجُهَا حُرًّا أَوْ عَبْدًا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَقَالَ: وَهُوَ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ، وَيُرَدُّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ بِمِلْكِهَا بُضْعِهَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ مِنْهُ انْفِسَاخُ نِكَاحِهَا حَيْثُ لَمْ يَبْقَ لِلزَّوْجِ مِلْكٌ عَلَيْهَا،
وَلَا قَائِلَ بِذَلِكَ، عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ عِتْقُ بَعْضِهَا لَا يَلْزَمُ مِنْهُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لَهَا عَلَى الْحُرِّ لِأَنَّ حُرِّيَّةَ الْبُضْعِ لَا تُنَافِي اسْتِحْقَاقَ مَنْفَعَتِهِ بِعَقْدِ النِّكَاحِ ابْتِدَاءً فَالْحُرِّيَّةُ الطَّارِئَةُ بِهِ أَوْلَى.
وَمِنْهَا: لَوْ أَجَّرَ عَبْدَهُ مُدَّةً ثُمَّ أَعْتَقَهُ فِي أَثْنَائِهَا لَمْ تَنْفَسِخْ الْإِجَارَةُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَعِنْدَ الشَّيْخِ تَنْفَسِخُ إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَهَا فِي الْعِتْقِ، وَخَرَّجَ صَاحِبُ الْمُقْنِعِ ذَلِكَ وَجْهًا لَنَا لَا بِنَاءَ عَلَى السِّرَايَةِ بَلْ عَلَى زَوَالِ وِلَايَةِ السَّيِّدِ عَنْ عَبْدِهِ بِعِتْقِهِ، فَيَكُونُ كَمَا لَوْ أَجَّرَ الْوَلِيُّ الصَّبِيَّ مُدَّةً ثُمَّ بَلَغَ فِي أَثْنَائِهَا فَإِنَّهُ يَنْفَسِخُ فِي وَجْهٍ، وَهَذَا ضَعِيفٌ فَإِنَّ الْوَلِيَّ تَنْقَطِعُ وِلَايَتُهُ بِالْكُلِّيَّةِ عَنْ الصَّبِيِّ بِبُلُوغِهِ رَشِيدًا، بِخِلَافِ السَّيِّدِ فَإِنَّ اسْتِثْنَاءَ مَنَافِعِهِ بِالشَّرْطِ، وَالِاسْتِثْنَاءُ الْحُكْمِيُّ أَقْوَى كَمَا تَقَدَّمَ.
وَمِنْهَا: لَوْ أَعْتَقَ الْوَرَثَةُ الْعَبْدَ الْمُوصَى بِمَنَافِعِهِ صَحَّ وَلَمْ يَسْرِ إلَى الْمَنَافِعِ.
َ هَلْ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ أَمْ لَا؟ هَهُنَا صُورَتَانِ: