مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ حُكْمُ هَذِهِ الْيَمِينِ وَذَكَرَ رِوَايَةَ ابْنِ مَنْصُورٍ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ كُلِّ يَمِينٍ لِأَنَّهُ يَتَيَقَّنُ وُجُوبَ أَحَدِهِمَا وَشَكَّ فِي عَيْنِهِ وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي فُنُونِهِ أَيْضًا، وَهُوَ مُتَّجَهٌ فِيمَا إذَا عَلِمَ أَنَّهَا إحْدَى الْأَيْمَانِ الْمُكَفَّرَةِ، وَأَمَّا إنْ شَكَّ هَلْ هِيَ مِمَّا يَدْخُلُهُ التَّكْفِيرُ أَوْ لَا؟ فَلَا يَزُولُ شَكُّهُ بِالتَّكْفِيرِ الْمَذْكُورِ، وَفِي مَسَائِلِ إبْرَاهِيمَ الْحَرْبِيِّ سَمِعْت رَجُلًا سَأَلَ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ عَنْ يَمِينٍ حَلَفَهَا فَقَالَ لَهُ أَحْمَدُ كَيْفَ حَلَفْت فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ لَيْسَ أَدْرِي كَيْفَ حَلَفْت؟ فَقَالَ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ قَالَ قَالَ رَجُلٌ لِشَرِيكٍ حَلَفْت وَلَيْسَ أَدْرِي كَيْفَ حَلَفْت؟ فَقَالَ لَهُ شَرِيكٌ: لَيْتَنِي إذَا دَرَيْتُ أَنْتَ كَيْفَ حَلَفْتَ دَرَيْتُ أَنَا كَيْفَ أُفْتِيكَ انْتَهَى.

وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَمْ يَدْرِ بِمَاذَا حَلَفَ فَيَكُونُ كَرِوَايَةِ صَالِحٍ السَّابِقَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمْ يَدْرِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، مِثْلُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ مَثَلًا لَيَفْعَلُ شَيْئًا وَنَسِيَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ وَهُنَا قَدْ شَكَّ فِي شَرْطِ الطَّلَاقِ وَهُوَ عَدَمِيٌّ فَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ عَلَى الْمَذْهَبِ عِنْدَ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ، وَفِيهِ وَجْهٌ يَحْنَثُ فِي آخِرِ أَوْقَاتِ الْإِمْكَانِ لِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُودُ [مَا عَلَّقَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْعَدَمُ وَإِنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يَفْعَلُ كَذَا فَهُنَا شَرْطُ الطَّلَاقِ وُجُودِيٌّ] وَهُوَ الْفِعْلُ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِالشَّكِّ فِي وُجُودِهِ وَأَفْتَى الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَفْعَلَنَّ شَيْئًا ثُمَّ نَسِيَهُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ الْبِرِّ وَهُوَ يَرْجِعُ إلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى

(وَمِنْهَا) إذَا تَنَاضَلَ حِزْبَانِ وَاقْتَسَمُوا الرِّجَالَ بِالِاخْتِيَارِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْبَادِي بِالِاخْتِيَارِ مِنْ كُلِّ حِزْبٍ أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ لِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إذَا اخْتَلَفَتْ الرُّمَاةُ فِي الْمُبْتَدِي بِالرَّامِي وَتَشَاحُّوا أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ فِي قِيَاسِ الْمَذْهَبِ قَالَهُ الْآمِدِيّ وَاخْتَارَ الْقَاضِي أَنَّهُ يُقَدِّمُ مَنْ أَخْرَجَ السَّبَقَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ وَاخْتَارَ صَاحِبُ التَّرْغِيبِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ عَقْدُ الْمُنَاضَلَةِ حَتَّى يُعَيَّنَ الْمُبْتَدِئ فِيهِ بِالرَّمْيِ.

(وَمِنْهَا) إذَا اسْتَوَى اثْنَانِ مِنْ أَهْلِ الْفَيْءِ فِي دَرَجَةٍ فَفِي الْمُجَرَّدِ يُقَدَّمُ أَسَنُّهُمَا ثُمَّ أَقْدَمُهُمَا هِجْرَةً وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ يُقَدَّمُ بِالسَّابِقَةِ فِي الْإِسْلَامِ ثُمَّ بِالدِّينِ ثُمَّ بِالسِّنِّ ثُمَّ بِالشَّجَاعَةِ، ثُمَّ وَلِيُّ الْأَمْرِ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ شَاءَ رَتَّبَهُمَا عَلَى رَأْيِهِ وَاجْتِهَادِهِ.

(وَمِنْهَا) إذَا تَنَازَعَ الْإِمَامَةَ الْعُظْمَى اثْنَانِ وَتَكَافَآ فِي صِفَاتِ التَّرْجِيحِ قُدِّمَ أَحَدُهُمَا بِالْقُرْعَةِ قَالَ الْقَاضِي هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ كَالْأَذَانِ.

(وَمِنْهَا) لَوْ عُقِدَتْ الْإِمَامَةُ لِاثْنَيْنِ فِي عَقْدَيْنِ مُتَرَتِّبَيْنِ وَجُهِلَ السَّابِقُ مِنْهُمَا فَقَالَ الْقَاضِي: يَخْرُجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. إحْدَاهُمَا بُطْلَانُ الْعَقْدِ فِيهِمَا.

وَالثَّانِيَةُ: اسْتِعْمَالُ الْقُرْعَةِ بِنَاءً عَلَى مَا إذَا زَوَّجَ الْوَلِيَّانِ وَجَهِلَ السَّابِقُ مِنْهُمَا، فَإِنَّهُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ كَذَلِكَ هُنَا انْتَهَى.

وَلَكِنَّ الْمَشْهُورَ فِي حِكَايَةِ الرِّوَايَةِ الْأُولَى فِي كِتَابِ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ أَنَّهُ يُفْسَخُ النِّكَاحَانِ وَقِيَاسُ هَذَا أَنَّهُ يُفْسَخُ الْعَقْدَانِ لِأَنَّهُمَا يَبْطُلَانِ مِنْ غَيْرِ فَسْخٍ.

(وَمِنْهَا) إذَا وَلَّى الْإِمَامُ قَاضِيَيْنِ فِي بَلَدٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015