بِيَدِ مَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي عَدَمِ الْيَدِ وَلَمْ يَصِفْهُ أَحَدُهُمَا، فَقَالَ الْقَاضِي وَالْأَكْثَرُونَ: لَا حَقَّ لِأَحَدِهِمَا فِيهِ وَيُعْطِيه الْحَاكِمُ لِمَنْ شَاءَ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا ; لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُمَا سَبَبُ الِاسْتِحْقَاقِ وَقَالَ صَاحِبُ الْمُغْنِي: الْأَوْلَى أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُمَا تَنَازَعَا شَيْئًا فِي يَدِ غَيْرِهِمَا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ تَنَازَعَا وَدِيعَةً. وَفِيهِ نَظَرٌ. فَإِنَّ الْوَدِيعَةَ لِمُعَيَّنٍ وَلَا مُدَّعِيَ لَهَا سِوَاهُمَا بِخِلَافِ اللَّقِيطِ فَإِنَّ الْحَقَّ لِمَنْ سَبَقَ إلَيْهِ وَلَمْ يَثْبُتْ السَّبْقُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَصَارَ كَغَيْرِهِمَا، وَلَوْ ادَّعَى اثْنَانِ لُقَطَةً بَيْنَ أَيْدِيهمَا كُلٌّ مِنْهُمَا يَقُولُ: أَنَا سَبَقْتُ إلَيْهَا، أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ. وَهَذَا فِي الظَّاهِرِ يُخَالِفُ قَوْلَهُ فِي دَعْوَى الْتِقَاطِ الطِّفْلِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ اللُّقَطَةَ تَئُولُ إلَى الْمِلْكِ، فَهِيَ كَتَدَاعِي اثْنَيْنِ مِلْكِيَّةَ عَيْنٍ بَيْنَ أَيْدِيهِمَا لَا يَدَ عَلَيْهَا لِأَحَدٍ كَمَا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ.

(وَمِنْهَا) إذَا وَصَّى لِجَارِهِ مُحَمَّدٍ وَلَهُ جَارَانِ بِهَذَا الِاسْمِ فَهَلْ تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ، أَوْ تَصِحُّ وَيُمَيَّزُ أَحَدُهُمَا بِالْقُرْعَةِ؟ فِيهِ خِلَافٌ سَبَقَ ذِكْرُهُ مَبْسُوطًا، وَكَذَا سَبَقَ ذِكْرُ مَنْ وَهَبَ أَحَدَ أَوْلَادِهِ وَتَعَذَّرَ الْوُقُوفُ عَلَى عَيْنِهِ أَوْ وُقِفَ عَلَيْهِ وَاشْتُبِهَ فِيهِمْ.

(وَمِنْهَا) إذَا أَوْصَى لِزَيْدٍ بِعَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ قَالَ الْخِرَقِيِّ يُعْطِي وَاحِدًا مِنْهُمْ بِالْقُرْعَةِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ وَاحِدًا مُبْهَمًا. وَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ أَنَّ لَهُ أَخَسَّهُمْ يَعْنِي أَدْنَى مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ ; لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ، وَإِنَّمَا أَقْرَعْنَا فِي الْعِتْقِ لِأَنَّ الْعِتْقَ حَقٌّ لِلْعَبِيدِ وَقَدْ تَسَاوَوْا فِي اسْتِحْقَاقِهِ فَيُمَيِّزُ بِالْقُرْعَةِ، وَهُنَا الْحَقُّ لِلْمُوصَى لَهُ وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ.

(وَمِنْهَا) إذَا مَاتَ الْمُتَوَارِثَانِ وَعُلِمَ أَسْبَقُهُمَا مَوْتًا ثُمَّ نَسِيَ. فَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَمْتَنِعُ أَنْ نَقُولَ هُنَا بِالْقُرْعَةِ لِتَعْيِينِ السَّابِقِ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّ حُكْمَ ذَلِكَ حُكْمُ مَا لَوْ جَهِلُوا الْحَالَ أَوْ لِأَنَّهُ يُوَرَّثُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الْآخَرِ مِنْ تِلَادِ مَالِهِ دُونَ مَا وَرِثَهُ مِنْهُ، وَلَوْ ادَّعَى وَرَثَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِسَبْقِ الْآخَرِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا، أَوْ تَعَارَضَتْ الْبَيِّنَتَانِ فَفِيهِ أَوْجُهٌ. أَحَدُهَا يُعَيَّنُ السَّابِقُ بِالْقُرْعَةِ، اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَضَعَّفَهُ أَبُو بَكْرٍ فِي كِتَابِ الْخِلَافِ.

وَالثَّانِي: يَتَوَارَثَانِ كَمَا لَوْ جَهِلَ الْوَرَثَةُ الْحَالَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْخَطَّابِ وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَابْنُ عَقِيلٍ: هُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ.

وَالثَّالِثُ: يَحْلِفُ وَرَثَةُ كُلِّ وَاحِدٍ لِإِسْقَاطِ دَعْوَى الْآخَرِ وَلَا يَتَوَارَثَانِ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيِّ ; لِأَنَّ وَرَثَةَ كُلِّ وَاحِدٍ قَدْ عَلِمَ اسْتِحْقَاقَهُ لِإِرْثِهِ، وَغَيْرُهُمْ يَدَّعِي عَلَيْهِمْ اسْتِحْقَاقَ مُشَارَكَةٍ وَهُمْ يُنْكِرُونَ ذَلِكَ، فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُمْ مَعَ أَيْمَانِهِمْ. بِخِلَافِ مَسَائِلِ الْغَرْقَى فَإِنَّ الْوَرَثَةَ مُتَّفِقُونَ فِيهَا عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ بِالسَّابِقِ وَلَيْسَ فِيهِمْ مُدَّعٍ لِاسْتِحْقَاقِ انْفِرَادِهِ بِمَالِ مَيِّتِهِ. وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ فِي كِتَابِ الْخِلَافِ أَنَّهُ يُقْسَمُ الْقَدْرُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ مِنْ الْمِيرَاثِ بَيْنَ مُدَّعِيه نِصْفَيْنِ وَعَلَيْهِمَا الْيَمِينُ فِي ذَلِكَ كَمَا لَوْ تَنَازَعَا دَابَّةً فِي أَيْدِيهمَا.

(وَمِنْهَا) إذَا مَاتَ عَنْ زَوْجَاتٍ وَقَدْ طَلَّقَ إحْدَاهُنَّ طَلَاقًا يَقْطَعُ الْإِرْثَ أَوْ كَانَ نِكَاحُ بَعْضِهِنَّ فَاسِدًا لَا تُورَثُ فِيهِ، وَجَهِلَ عَيْنَ الْمُطَلَّقَةِ وَذَاتَ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ فَإِنَّهَا تُعَيَّنُ بِالْقُرْعَةِ، وَالْمِيرَاثُ لِلْبَوَاقِي نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ.

(وَمِنْهَا) الْأَوْلِيَاءُ الْمُسْتَوُونَ فِي النِّكَاحِ إذَا تَشَاحُّوا أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015