ِ، فَهِيَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ تَقْدِيرُ الْحَقِّ خَشْيَةَ سُقُوطِ صَاحِبِهِ فَحَيْثُ كَانَ مَنْ لَمْ يُقَدِّرْ حَقَّهُ يَسْتَحِقُّ الْجَمِيعَ عِنْدَ الِانْفِرَادِ كَذَوِي الْفُرُوضِ مَعَ الْعَصَبَاتِ فِي الْمِيرَاثِ، فَهَاهُنَا قَدْ يَزِيدُ الْحَقُّ الَّذِي لَمْ يُقَدَّرْ عَلَى الْحَقِّ الْمُقَدَّرِ ; لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْهُ.
وَالنَّوْعُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ لِنِهَايَةِ الِاسْتِحْقَاقِ وَغَيْرُ الْمُقَدَّرِ مَوْكُولًا إلَى الرَّأْيِ وَالِاجْتِهَادِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرِهِ بِأَصْلٍ يَرْجِعُ إلَيْهِ فَلَا يُرَادُ الْحَقُّ الَّذِي لَمْ يُقَدَّرْ عَلَى الْمُقَدَّرِ هَاهُنَا
، وَلَهُ صُوَرٌ: مِنْهَا: الْحَدُّ وَالتَّعْزِيرُ فَلَا يَبْلُغُ بِتَعْزِيرِ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ أَدْنَى حُدُودِهِمَا إلَّا فِيمَا سَبَّبَهُ الْوَطْءُ فَيَجُوزُ أَنْ يَبْلُغَ بِالتَّعْزِيرِ عَلَيْهِ فِي حَقِّ الْحُرِّ مِائَةَ جَلْدَةٍ بِدُونِ نَفْيٍ، وَقِيلَ لَا يَبْلُغُ الْمِائَةَ بَلْ يَنْقُصُ مِنْهُ سَوْطًا وَفِي حَقِّ الْعَبْدِ خَمْسِينَ إلَّا سَوْطًا، وَيَجُوزُ النَّقْصُ مِنْهُ عَلَى مَا يَرَاهُ السُّلْطَانُ، وَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ حَكَى أَنَّهُ لَا يَبْلُغُ بِالتَّعْزِيرِ فِي مَعْصِيَةٍ حَدًّا مَشْرُوعًا فِي جِنْسِهَا، وَيَجُوزُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى حَدِّ غَيْرِ جِنْسِهَا.
قَالَ فِي الْمُغْنِي: وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيِّ وَعَنْ أَحْمَدَ لَا يُزَادُ فِي كُلِّ تَعْزِيرٍ عَشْرُ جَلْدَاتٍ لِخَبَرِ أَبِي بُرْدَةَ.
وَمِنْهَا: السَّهْمُ مِنْ الْغَنِيمَةِ وَالرَّضْخِ فَلَا يَبْلُغُ بِالرَّضْخِ لِآدَمِيٍّ سَهْمَهُ الْمُقَدَّرَ وَلَا بِالرَّضْخِ لِمَرْكُوبٍ سَهْمَهُ الْمُقَدَّرَ.
النَّوْعُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مُقَدَّرًا شَرْعًا وَالْآخَرُ تَقْدِيرُهُ رَاجِعٌ إلَى الِاجْتِهَادِ وَلَكِنَّهُ يَرْجِعُ إلَى أَصْلٍ يَضْبِطُ بِهِ فَهَلْ هُوَ كَالْمُقَدَّرِ أَمْ لَا؟ إنْ كَانَ مَحِلُّهُمَا وَاحِدًا لَمْ يُجَاوِزْ بِهِ الْمُقَدَّرُ وَفِي بُلُوغِهِ خِلَافٌ، وَإِنْ كَانَ مَحِلُّهُمَا مُخْتَلِفًا فَالْخِلَافُ فِي بُلُوغِ الْمُقَدَّرِ وَمُجَاوَزَتِهِ، فَالْأَوَّلُ كَالْحُكُومَةِ إذَا كَانَتْ فِي مَحِلٍّ لَهُ مُقَدَّرٍ فَلَا يُجَاوِزُ بِهَا الْمُقَدَّرَ، وَكَذَلِكَ الْمَحِلُّ وَفِي بُلُوغِهِ وَجْهَانِ:
وَالثَّانِي: كَدِيَةِ الْحُرِّ مَعَ قِيمَةِ الْعَبْدِ فَإِذَا جَاوَزَتْ قِيمَةَ الْعَبْدِ فَهَلْ تَجِبُ الْقِيمَةُ بِكَمَالِهِ أَمْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَبْلُغَ بِهَا دِيَةَ الْحُرِّ بَلْ يَنْقُصُ مِنْهَا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَقَدْ يُخَرَّجُ عَلَيْهِمَا جَوَازُ بُلُوغِ الْحُكُومَةِ الْأَرْشَ الْمُقَدَّرَ مُطْلَقًا.
(الْقَاعِدَةُ الْأَرْبَعُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ) : مَنْ سَقَطَتْ عَنْهُ الْعُقُوبَةُ بِإِتْلَافِ نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ مَعَ قِيَامِ الْمُقْتَضَى لَهُ لِمَانِعٍ فَإِنَّهُ يَتَضَاعَفُ عَلَيْهِ الْغُرْمُ، وَيَتَخَرَّجُ عَلَى ذَلِكَ مَسَائِلُ: مِنْهَا: إذَا قَتَلَ مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا عَمْدًا ضَمِنَهُ بِدِيَةِ مُسْلِمٍ.
وَمِنْهَا: مَنْ سَرَقَ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ فَإِنَّهُ يَتَضَاعَفُ عَلَيْهِ الْغُرْمُ نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالثَّمَرِ وَالْكَثْرِ.
وَمِنْهَا: الضَّالَّةُ الْمَكْتُومَةُ يَضْمَنُ بِقِيمَتِهَا مَرَّتَيْنِ نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ مُعَلِّلًا بِأَنَّ التَّضْعِيفَ فِي الضَّمَانِ هُوَ لِدَرْءِ الْقَطْعِ وَهَذَا