وَسَمَّى لِلْعَامِلِ أَكْثَرَ مِنْ تَسْمِيَةِ مِثْلِهِ صَحَّ وَلَمْ يُحْتَسَبْ مِنْ الثُّلُثِ وَلَوْ سَاقَى وَسَمَّى لِلْعَامِلِ أَكْثَرَ مِنْ تَسْمِيَةِ الْمِثْلِ فَوَجْهَانِ أَشْهَرُهُمَا أَنَّهُ يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ لِحُدُوثِ الثَّمَرِ مِنْ عَيْنِ مِلْكِهِ.
(وَمِنْهَا) لَوْ فَسَخَ الْعَامِلُ الْمُضَارَبَةَ قَبْلَ ظُهُورِ الرِّبْحِ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْمُضَارِبُ شَيْئًا، وَلَوْ فَسَخَ الْمُسَاقَاةَ قَبْلَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ اسْتَحَقَّ الْعَامِلُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لِأَنَّ الرِّبْحَ لَا يَتَوَلَّدُ مِنْ الْمَالِ بِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا يَتَوَلَّدُ مِنْ الْعَمَلِ وَلَمْ يَحْصُلْ بِعَمَلِهِ رِبْحٌ وَالثَّمَرُ مُتَوَلِّدٌ مِنْ عَيْنِ الشَّجَرِ وَقَدْ عَمِلَ عَلَى الشَّجَرِ عَمَلًا مُؤَثِّرًا فِي الثَّمَرِ فَكَانَ لِعَمَلِهِ تَأْثِيرٌ فِي حُصُولِ الثَّمَرِ وَظُهُورِهِ بَعْدَ الْفَسْخِ.
(وَمِنْهَا) أَنَّ الْمُشَارَكَةَ بَيْنَ اثْنَيْنِ بِمَالِ أَحَدِهِمَا وَعَمَلِ الْآخَرِ إنْ كَانَ الْمُشَارَكَةُ فِيمَا يَنْمُو مِنْ الْعَمَلِ كَالرِّبْحِ جَازَ كَالْمُضَارَبَةِ، وَكَمَنْ دَفَعَ دَابَّتَهُ أَوْ عَبْدَهُ إلَى مَنْ يَعْمَلُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ كَسْبِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ عَلَى الْأَصَحِّ وَإِنْ كَانَتْ الْمُشَارَكَةُ فِيمَا يُحْدِثُ عَيْنُ الْمَالِ كَدَرِّ الْحَيَوَانِ وَنَسْلِهِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ.
وَكَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ يَخْتَارُ فِيهِ الْمَنْعَ لِأَنَّ الْعَامِلَ لَا يَثْبُتُ حَقُّهُ فِي أَصْلِ عَيْنِ الْمَالِ وَالْمُتَوَلِّدُ مِنْ الْعَيْنِ حُكْمُهُ حُكْمُهَا وَلَكِنَّ هَذَا مَمْنُوعٌ عِنْدَ مَنْ أَجَازَ الِاسْتِئْجَارَ عَلَى حَصَادِ الزَّرْعِ بِجُزْءٍ مِنْهُ أَوْ عَلَى نَسْجِ الثَّوْبِ بِبَعْضِهِ.
وَذَلِكَ مَنْصُوصٌ عِنْدَ أَحْمَدَ أَيْضًا وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ أَبُو الْخَطَّاب فِي انْتِصَارِهِ ثَمَرَ الشَّجَرِ فَإِذَا عَمِلَ الشَّرِيكَانِ فِي شَجَرٍ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَشَرَطَا التَّفَاضُلَ فِي ثَمَرِهِ جَازَ [عِنْدَهُ] وَفَرَّقَ بَيْنَ الثَّمَرِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَتَوَلَّدُ مِنْ عَيْنِ الْمَالِ بِأَنَّ لِلْعَمَلِ تَأْثِيرًا فِي حُصُولِ الثَّمَرِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ.
وَلِهَذَا الْمَعْنَى جَازَتْ الْمُسَاقَاةُ فَأَمَّا الْإِجَارَةُ الْمَحْضَةُ فَيَجُوزُ فِيمَا يُنْتَفَعُ بِاسْتِغْلَالِهِ وَإِجَارَتِهِ مِنْ الْعَقَارِ وَغَيْرِهِ.
وَلَا يَجُوزُ فِيمَا يُنْتَفَعُ بِأَعْيَانِهِ إلَّا فِيمَا اُسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ لِلْحَاجَةِ كَالظِّئْرِ وَنَحْوِهَا.
وَعِنْدَ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْأَعْيَانَ الَّتِي تَسْتَخْلِفُ شَيْئًا فَشَيْئًا حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَنَافِعِ فَيَجُوزُ اسْتِيفَاؤُهَا بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ كَمَا يُسْتَوْفَى بِالْوَقْفِ وَالْوَصِيَّةِ.
(الْقَاعِدَةُ الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ) : وَقَدْ يَخْتَصُّ الْوَلَدُ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ النَّمَاءِ الْمُتَوَلِّدِ مِنْ الْعَيْنِ بِأَحْكَامٍ وَيُعَبَّرُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْوَلَدَ هَلْ هُوَ كَالْجُزْءِ أَوْ كَالْكَسْبِ؟ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ جُزْءٌ فَمِنْ ذَلِكَ لَوْ وَلَدَتْ الْأَمَةُ الْمَوْقُوفَةُ وَلَدًا فَهَلْ يَكُونُ مِلْكًا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ كَثَمَرِ الشَّجَرَةِ أَوْ يَكُونُ وَقْفًا مَعَهَا عَلَى وَجْهَيْنِ أَشْهَرُهُمَا أَنَّهُ وَقْفٌ مَعَهَا لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهَا وَلِهَذَا يَصِحُّ وَقْفُهُ ابْتِدَاءَ بِخِلَافِ الثَّمَرَةِ.
(وَمِنْهَا) لَوْ وَلَدَتْ الْمُوصَى بِمَنَافِعِهَا فَإِنْ قُلْنَا الْوَلَدُ كَسْبٌ فَكُلُّهُ لِصَاحِبِ الْمَنْفَعَةِ وَإِنْ قُلْنَا هُوَ جُزْءٌ فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ بِمَنْزِلَتِهَا.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ لِلْوَرَثَةِ لِأَنَّ الْأَجْزَاءَ لَهُمْ دُونَ الْمَنَافِعِ.
(وَمِنْهَا) هَلْ يَتْبَعُ الْوَلَدُ أُمَّهُ فِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ كَالصَّحِيحَةِ؟ فَإِنْ قُلْنَا