وَاضْطُرَّ إلَى الْجِمَاعِ فِي الْفَرْجِ فَلَهُ فِعْلُهُ فَإِنْ وَجَدَ زَوْجَةً مُكَلَّفَةً صَائِمَةً وَأُخْرَى حَائِضَةً فَفِيهِ احْتِمَالَانِ ذَكَرَهُمَا صَاحِبُ الْمُغْنِي أَحَدُهُمَا وَطْءُ الصَّائِمَةِ أَوْلَى ; لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا فِيهِ أَنَّهَا تُفْطِرُ لِضَرَرِ غَيْرِهَا وَذَلِكَ جَائِزٌ لِفِطْرِهَا لِأَجْلِ الْوَلَدِ، وَأَمَّا وَطْءُ الْحَائِضِ فَلَمْ يُعْهَدْ فِي الشَّرْعِ جَوَازُهُ فَإِنَّهُ حُرِّمَ لِلْأَذَى وَلَا يَزُولُ الْأَذَى بِالْحَاجَةِ إلَيْهِ.
وَالثَّانِي: مُخَيَّرٌ لِتَعَارُضِ مَفْسَدَةِ وَطْءِ الْحَائِضِ مِنْ غَيْرِ إفْسَادِ عِبَادَةٍ عَلَيْهَا وَإِفْسَادِ صَوْمِ الطَّاهِرَةِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ إبَاحَةِ الْفِطْرِ لِأَسْبَابٍ دُونَ وَطْءِ الْحَائِضِ.
(وَمِنْهَا) إذَا أُلْقِيَ فِي السَّفِينَةِ نَارٌ وَاسْتَوَى الْأَمْرَانِ فِي الْهَلَاكِ أَعْنِي الْمُقَامَ فِي النَّارِ وَإِلْقَاءَ النُّفُوسِ فِي الْمَاءِ فَهَلْ يَجُوزُ إلْقَاءُ النُّفُوسِ فِي الْمَاءِ أَوْ يَلْزَمُ الْمُقَامُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَالْمَنْقُولُ عَنْ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا أَنَّهُ قَالَ: أَكْرَهُ طَرْحَ نُفُوسِهِمْ فِي الْبَحْرِ.
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد: يَصْنَعُ كَيْفَ شَاءَ، قِيلَ لَهُ: هُوَ فِي اللُّجِّ لَا يَطْمَعُ فِي النَّجَاةِ، قَالَ: لَا أَدْرِي فَتَوَقَّفَ وَرَجَّحَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ وُجُوبَ الْمُقَامِ مَعَ تَيَقُّنِ الْهَلَاكِ فِيهَا لِئَلَّا يَكُونَ قَاتِلًا لِنَفْسِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَيَقَّنُوا ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ النَّجَاةِ بِالْإِلْقَاءِ.
(الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةَ عَشَرَ بَعْدَ الْمِائَةِ) : إذَا وَجَدْنَا جُمْلَةً ذَاتَ أَعْدَادٍ مُوَزَّعَةٍ عَلَى جُمْلَةٍ أُخْرَى، فَهَلْ يَتَوَزَّعُ أَفْرَادُ الْجُمَلِ الْمُوَزَّعَةِ عَلَى أَفْرَادِ الْأُخْرَى أَوْ كُلُّ فَرْدٍ عَلَى مَجْمُوعِ الْجُمْلَةِ الْأُخْرَى، هَذِهِ عَلَى قِسْمَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنْ تُوجَدَ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى تَعْيِينِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ فَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ. فَمِثَالُ مَا دَلَّتْ الْقَرِينَةُ فِيهِ عَلَى تَوْزِيعِ الْجُمْلَةِ عَلَى الْجُمْلَةِ الْأُخْرَى - فَيُقَابَلُ كُلُّ فَرْدٍ كَامِلٍ بِفَرْدٍ يُقَابِلُهُ إمَّا لِجَرَيَانِ الْعُرْفِ أَوْ دَلَالَةِ الشَّرْعِ عَلَى ذَلِكَ، وَإِمَّا لِاسْتِحَالَةِ مَا سِوَاهُ - أَنْ يَقُولَ لِزَوْجَتَيْهِ: إنْ أَكَلْتُمَا هَذَيْنِ الرَّغِيفَيْنِ فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ، فَإِذَا أَكَلَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا رَغِيفًا طَلُقَتْ لِاسْتِحَالَةِ أَكْلِ كُلِّ وَاحِدَةٍ لِلرَّغِيفَيْنِ أَوْ يَقُولَ لِعَبْدَيْهِ: إنْ رَكِبْتُمَا دَابَّتَيْكُمَا أَوْ لَبِسْتُمَا ثَوْبَيْكُمَا أَوْ تَقَلَّدْتُمَا سَيْفَيْكُمَا أَوْ اعْتَقَلْتُمَا رُمْحَكُمَا أَوْ دَخَلْتُمَا بِزَوْجَتَيْكُمَا فَأَنْتُمَا حُرَّانِ، فَمَتَى وُجِدَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ رُكُوبُ دَابَّتِهِ أَوْ لُبْسُ ثَوْبٍ أَوْ تَقَلُّدُ سَيْفِهِ أَوْ رُمْحِهِ أَوْ الدُّخُولُ بِزَوْجَتِهِ تَرَتَّبَ عَلَيْهِمَا الْعِتْقُ ; لِأَنَّ الِانْفِرَادَ بِهَذَا عُرْفِيٌّ وَفِي بَعْضِهِ شَرْعِيٌّ فَيَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ إلَى تَوْزِيعِ الْجُمْلَةِ عَلَى الْجُمْلَةِ ذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي. وَمِثَالُ مَا دَلَّتْ الْقَرِينَةُ فِيهِ عَلَى تَوْزِيعِ كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْجُمْلَةِ عَلَى جَمِيعِ أَفْرَادِ الْجُمْلَةِ الْأُخْرَى أَنْ يَقُولَ رَجُلٌ لِزَوْجَتَيْهِ: إنْ كَلَّمْتُمَا زَيْدًا أَوْ كَلَّمْتُمَا عَمْرًا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ فَلَا يُطَلَّقَانِ حَتَّى تُكَلِّمَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا زَيْدًا وَعَمْرًا
ِ فَهَلْ يُحْمَلُ التَّوْزِيعُ عِنْدَ هَذَا الْإِطْلَاقِ عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ يُوَزِّعُ كُلٌّ مِنْ أَفْرَادِ الْجُمْلَةِ عَلَى جَمِيعِ أَفْرَادِ الْجُمْلَةِ الْأُخْرَى إذَا أَمْكَنَ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي مَسْأَلَةِ الظِّهَارِ مِنْ نِسَائِهِ بِكَلِمَةٍ