وَهُوَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ الْجَمِيعِ فَيَكُونُ مُولِيًا مِنْ الْجَمِيعِ مَعَ أَنَّ الْعُمُومَ يُسْتَفَادُ أَيْضًا مِنْ كَوْنِهِ مُفْرَدًا مُضَافًا. أَمَّا لَوْ قَالَ: لَا وَطِئْتُ وَاحِدَةً مِنْكُنَّ فَالْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَعُمُّ الْجَمِيعَ وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي وَالْأَصْحَابِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّكِرَةَ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ يُفِيدُ الْعُمُومَ، وَحَكَى الْقَاضِي عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا مِنْ وَاحِدَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ وَأَخَذَهُ مِنْ قَوْلِهِ إذَا آلَى مِنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ وَأَشْكَلَتْ عَلَيْهِ أُخْرِجَتْ بِالْقُرْعَةِ وَلَا يَصِحُّ هَذَا الْأَخْذُ كَمَا لَا الْجُورِ، وَحَكَى صَاحِبُ الْمُغْنِي عَنْ الْقَاضِي كَذَلِكَ وَالْقَاضِي مُصَرِّحٌ بِخِلَافِهِ فَإِنَّهُ قَالَ هُوَ إيلَاءٌ مِنْ الْجَمِيعِ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَلَكِنَّهُ قَالَ: مَتَى وَطِئَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ مِنْ الْكُلِّ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ لَا وَطِئْتُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْكُنَّ أَوْ لَا وَطِئْتُكُنَّ فَإِنَّهُ إذَا وَطِئَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ حَنِثَ وَبَقِيَ الْإِيلَاءُ مِنْ الْبَوَاقِي، وَإِنْ لَمْ يَحْنَثْ بِوَطْئِهِنَّ ; لِأَنَّ حَقَّهُنَّ مِنْ الْوَطْءِ لَمْ يُسْتَوْفَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ أَنَّ قَوْلَهُ لَا أَطَأُ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِهَمَدَانِيَّةٍ وَلَا وَبِابْتَغِي فِي قُوَّةِ أَيْمَانٍ مُتَعَدِّدَةٍ لِإِضَافَتِهِ إلَى مُتَعَدِّدٍ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لَا الْأُسْرُشَنِيِّ وَاحِدَةً مِنْكُنَّ فَإِنَّهُ مُضَافٌ إلَى مُفْرَدٍ مِنْكُنَّ مَوْضُوعٌ بِالْأَصَالَةِ لِنَفْيِ الْوَحْدَةِ. وَعُمُومُهُ عُمُومُ بَدَلٍ لَا شُمُولٍ فَالْيَمِينُ فِيهِ وَاحِدَةٌ فَتَنْحَلُّ بِالْحِنْثِ بِوَطْءِ وَاحِدَةٍ وَلَكِنَّ مُقْتَضَى هَذَا التَّفْرِيقِ أَنْ تَتَعَدَّدَ الْكَفَّارَةُ فِي الصُّورَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ بِوَطْءِ كُلِّ وَاحِدَةٍ. وَهُوَ قِيَاسُ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي الظِّهَارِ مِنْ نِسَائِهِ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أَنَّ الْكَفَّارَةَ تَتَعَدَّدُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ النَّكِرَةُ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ إنْ قِيلَ أَنَّهَا تَعُمُّ بِوَضْعِهَا كَمَا تَعُمُّ صِيَغَ الْجُمُوعِ فَالصُّوَرُ الثَّلَاثُ مُتَسَاوِيَةٌ، وَإِنْ قِيلَ: إنَّ عُمُومَهَا جَاءَ ضَرُورَةَ نَفْيِ الْمَاهِيَّةِ فَالْمَنْفِيُّ بِهَا وَاحِدٌ لَا تَعَدُّدَ فِيهِ وَهُوَ الْمَاهِيَّةُ الْمُطْلَقَةُ فَيُتَّجَهُ تَفْرِيقُ الْقَاضِي الْمَذْكُورِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَمِنْهَا) إذَا قَالَ: إنْ خُرْجَتِي مِنْ الدَّارِ مَرَّةً بِغَيْرِ إذْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى بِذَلِكَ بَيْنَ الْمَرَّاتِ اقْتَضَى الْعُمُومَ بِغَيْرِ إشْكَالٍ وَإِنْ أَطْلَقَ فَقَالَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ تَتَقَيَّدُ يَمِينُهُ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ لَهَا مَرَّةً فَخَرَجَتْ بِإِذْنِهِ ثُمَّ خَرَجَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَمْ تَطْلُقْ، وَخَالَفَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ عَقِيلٍ فِي خِلَافِهِمَا وَهُوَ الْحَقُّ، ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمَأْخَذُ فَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: ذِكْرُ الْمَرَّةَ تَنْبِيهٌ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا وَظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ أَنَّ الْعُمُومَ أَتَى مِنْ دُخُولِ النَّكِرَةِ فِي الشَّرْطِ وَلَا حَاجَةَ إلَى ذَلِكَ كُلِّهِ فَإِنَّ الْيَمِينَ عِنْدَنَا إنَّمَا تَنْحَلُّ بِالْحِنْثِ وَلَوْ خَرَجَتْ مِائَةَ مَرَّةٍ بِإِذْنِهِ لَمْ تَنْحَلَّ الْيَمِينُ بِذَلِكَ عِنْدَنَا وَالْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ قَائِمٌ وَهُوَ خُرُوجُهَا مَرَّةً بِغَيْرِ إذْنِهِ فَمَتَى وُجِدَ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْحِنْثُ.
(الْقَاعِدَةُ الْعَاشِرَةُ بَعْدَ الْمِائَةِ) : مَنْ ثَبَتَ لَهُ أَحَدُ أَمْرَيْنِ فَإِنْ اخْتَارَ أَحَدَهُمَا سَقَطَ الْآخَرُ، وَإِنْ أَسْقَطَ أَحَدَهُمَا أُثْبِتَ الْآخَرُ، وَإِنْ