بِوَجْهٍ مَا مِثْلَ أَنْ يَجِدَهُ فِي تَرِكَةِ مَيِّتٍ وَوَارِثُهُ غَائِبٌ فَلَهُ الْأَخْذُ ; لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةً عَلَى تَرِكَةِ الْمَيِّتِ بِتَنْفِيذِ وَصَايَاهُ وَقَضَاءِ دُيُونِهِ أَوْ يَجِدُهَا فِي يَدِ السَّارِقِ فَيَقْطَعُهُ وَتُنْزَعُ مِنْهُ الْعَيْنُ تَبَعًا لِوِلَايَةِ الْقَطْعِ، وَالْمَسْأَلَةُ مَذْكُورَةٌ فِي مَسْأَلَةِ وُجُوبِ الْقِصَاصِ لِلْغَائِبِ وَمَسْأَلَةِ قَطْعِ السَّارِقِ لِمَالِ الْغَائِبِ.
(وَمِنْهَا) الطَّائِفَةُ الْمُمْتَنِعَةُ عَنْ حُكْمِ الْإِمَامِ كَالْبُغَاةِ لَا يَضْمَنُ الْإِمَامُ وَطَائِفَتُهُ وَمَا أَتْلَفُوهُ عَلَيْهِمْ حَالَ الْحَرْبِ وَفِي تَضْمِينِهِمْ مَا أَتْلَفُوهُ عَلَى الْإِمَامِ فِي تِلْكَ الْحَالِ رِوَايَتَانِ أَصَحُّهُمَا نَفْيُ الضَّمَانِ إلْحَاقًا لَهُمْ بِأَهْلِ الْحَرْبِ. وَأَمَّا أَهْلُ الرِّدَّةِ إذَا لَحِقُوا بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ اجْتَمَعُوا بِدَارٍ مُنْفَرِدِينَ وَلَهُمْ مَنَعَةٌ فَفِي تَضْمِينِهِمْ رِوَايَتَانِ وَاخْتَارَ أَبُو بَكْرٍ عَدَمَ التَّضْمِينِ إلْحَاقًا لَهُمْ بِأَهْلِ دَارِ الْحَرْبِ، وَأَمَّا الْيَدُ الثَّالِثَةُ فَهِيَ الْيَدُ الْعَارِيَّةُ الَّتِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا الضَّمَانُ.
(الْقَاعِدَةُ الْحَادِيَةُ وَالتِّسْعُونَ) : يُضْمَنُ بِالْعَقْدِ وَبِالْيَدِ الْأَمْوَالُ الْمَحْضَةُ الْمَنْقُولَةُ إذَا وُجِدَ فِيهَا النَّقْلُ. فَأَمَّا غَيْرُ الْمَنْقُولِ فَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَضْمَنُ بِالْعَقْدِ وَبِالْيَدِ أَيْضًا كَمَا يَضْمَنُ فِي عُقُودِ التَّمْلِيكَاتِ بِالِاتِّفَاقِ وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ الْعَقَارَ لَا يُضْمَنُ بِمُجَرَّدِ الْيَدِ فِي الْغَصْبِ مِنْ غَيْرِ إتْلَافٍ. وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ العكبري فِي الْعَارِيَّةِ فِيمَا قَرَأْتُهُ بِخَطِّ الْقَاضِي وَأَمَّا الْمَنْقُولُ فَإِنْ حَصَلَ نَقْلُهُ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ ضَمَانُ الْيَدِ وَالْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ النَّقْلُ فَهَلْ يُضْمَنُ بِالْعَقْدِ فِيهِ كَلَامٌ سَبَقَ فِي أَحْكَامِ الْقُبُوضِ، وَأَمَّا الْيَدُ الْمُجَرَّدَةُ فَقَالَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ: لَا يَتَوَقَّفُ الضَّمَانُ بِهَا عَلَى النَّقْلِ أَيْضًا كَالْعَقْدِ وَكَمَا يَصِيرُ الْمُودِعُ ضَامِنًا بِمُجَرَّدِ جُحُودِ الْوَدِيعَةِ مِنْ غَيْرِ نَقْلٍ وَلَا إزَالَةِ يَدٍ. وَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ الْغَاصِبُ الْعَيْنَ الْمَغْصُوبَةَ وَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي فَتَلِفَتْ قَبْلَ النَّقْلِ ثُمَّ جَاءَ الْمَالِكُ، أَنَّ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُشْتَرِي، قَالَ: وَإِنْ سَلَّمْنَاهُ تَعَيَّنَ مَنْعُ تَضْمِينِهِ فَلِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ كَمَالِ الِاسْتِيلَاءِ وَهُوَ النَّقْلُ فِيمَا يُمْكِنُ نَقْلُهُ وَإِنَّمَا تَرَدَّدَ فِي هَذَا ; لِأَنَّهُ فَرْعٌ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الضَّمَانِ بِالْعَقْدِ وَبِالْيَدِ وَفِي التَّلْخِيصِ إثْبَاتُ الْيَدِ [وَجَزَمَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي نَظَرِيَّاتِهِ بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ هَاهُنَا لَا يَضْمَنُهُ ضَمَانَ غَصْبٍ وَإِنْ كَانَ يَضْمَنُهُ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ ضَمَانَ عَقْدٍ بِمُجَرَّدِ التَّخْلِيَةِ وَقَاسَهُ عَلَى الْعَقَارِ فَإِنَّ الْبَائِعَ إذَا خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي خَارَ مِنْ ضُمَّانِهِ بِالْعَقْدِ، وَلَوْ ظَهَرَ لَهُ مُسْتَحِقٌّ لَمْ يَضْمَنْهُ بِذَلِكَ ضَمَانَ غَصْبٍ فِيمَا يَقْبَلُ النَّقْلَ] إلَّا فِي الدَّابَّةِ فَإِنَّ رُكُوبَهَا كَافٍ وَكَذَلِكَ الْجُلُوسُ عَلَى الْفُرُشِ ; لِأَنَّهُ غَايَةُ الِاسْتِيلَاءِ وَصَرَّحَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي الدَّابَّةِ.
وَأَمَّا غَيْرُ الْأَمْوَالِ