فَمِنْ صُوَرِ الْمَسْأَلَةِ) مَا إذَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ نَجَاسَةٌ ثُمَّ غَابَ عَنْهُ ثُمَّ وَجَدَهُ مُتَغَيِّرًا فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ عِنْدَ الْأَصْحَابِ إحَالَةً لِلتَّغْيِيرِ عَلَى النَّجَاسَةِ الْمَعْلُومِ طِرْمِسَاءِ فِيهِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ وُجُودِ مُغَيِّرٍ غَيْرِهَا وَخَرَّجَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِيهِ وَجْهًا آخَرَ أَنَّهُ طَاهِرٌ مِنْ مَسْأَلَةِ الصَّيْدِ الْآتِيَةِ وَالْأُولَى أَوْلَى لِأَنَّ الْأَصْلَ طَهَارَةُ الْمَاءِ فَلَا يُزَالُ عَنْهَا بِالشَّكِّ.
(وَمِنْهَا) مَا إذَا وُجِدَ مِنْ النَّائِمِ قَبْلَ نَوْمِهِ سَبَبٌ يَقْتَضِي خُرُوجَ الْمَذْيِ مِنْهُ مِنْ تَفَكُّرٍ أَوْ مُلَاعَبَةٍ وَنَحْوِهِمَا ثُمَّ نَامَ وَاسْتَيْقَظَ وَوَجَدَ بَلَلًا لَمْ يَتَيَقَّنْهُ مَنِيًّا وَلَمْ يَذْكُرْ حُلْمًا فَإِنَّ الْمَنْصُوصَ عَنْ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ لَا غُسْلَ عَلَيْهِ إحَالَةً لِلْخَارِجِ عَلَى السَّبَبِ الْمُتَيَقَّنِ وَهُوَ الْمُقْتَضِي لِخُرُوجِ الْمَذْيِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُودِ غَيْرِهِ وَقَدْ تَيَقَّنَ وُجُودَهُ وَحُكِيَ عَنْ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ رِوَايَةً أُخْرَى بِوُجُوبِ الْغُسْلِ
(وَمِنْهَا) لَوْ جَرَحَ صَيْدًا جُرْحًا غَيْرَ مُوَحٍّ ثُمَّ غَابَ عَنْهُ وَوَجَدَهُ مَيْتًا وَلَا أَثَرَ فِيهِ غَيْرُ سَهْمِهِ فَهَلْ يَحِلُّ أَكْلُهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ يَحِلُّ لِحَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ.
وَالثَّانِيَة: لَا يَحِلُّ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كُلْ مَا أَصْمَيْتَ وَدَعْ مَا أَنْمَيْتَ وَلِذَلِكَ تُسَمَّى مَسْأَلَةَ الْإِصْمَاءِ وَالْإِنْمَاءِ، وَفِيهِ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ إنْ غَابَ عَنْهُ لَيْلَةً لَمْ يَحِلَّ وَإِلَّا حَلَّ وَفِيهِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَعُلِّلَ بِأَنَّ هَوَامَّ اللَّيْلِ كَثِيرَةٌ فَكَأَنَّ الظَّاهِرَ هُنَا وَهُوَ وُجُودُ سَبَبٍ آخَرَ حَصَلَ مِنْهُ الزُّهُوقُ قَوِيٌّ عَلَى الْأَصْلِ وَهُوَ عَدَمُ إصَابَةِ غَيْرِ السَّهْمِ لَهُ
(وَمِنْهَا) لَوْ جَرَحَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا جُرْحًا غَيْرَ مُوَحٍّ ثُمَّ غَابَ عَنْهُ ثُمَّ وَجَدَهُ مَيْتًا فَهَلْ يَضْمَنُهُ كُلَّهُ أَوْ أَرْشَ الْجُرْحِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ وَجَزَمَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ بِضَمَانِ أَرْشِ الْجُرْحِ فَقَطْ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ.
(وَمِنْهَا) لَوْ جَرَحَ آدَمِيًّا مَعْصُومًا جُرْحًا غَيْرَ مُوحٍ ثُمَّ مَاتَ وَادَّعَى أَنَّهُ مَاتَ بِسَبَبٍ غَيْرِ سِرَايَةِ جُرْحِهِ وَأَنْكَرَ الْوَلِيُّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَلِيِّ مَعَ يَمِينِهِ وَلَمْ يَحْكِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ فِي ذَلِكَ خِلَافًا إحَالَةً لِلزُّهُوقِ عَلَى الْجُرْحِ الْمَعْلُومِ، وَفِي الْمُجَرَّدِ أَنَّهُ إنْ مَاتَ عَقِيبَ الْجُرْحِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَلِيِّ وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ مُدَّةٍ يَنْدَمِلُ الْجُرْحُ فِي مِثْلِهَا.
فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ ضِمْنًا مِنْ الْجُرْحِ حَتَّى مَاتَ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْجَانِي وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْوَلِيِّ.
(وَمِنْهَا) لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ وَلَهَا وَلَدٌ هَذَا الْوَلَدُ مِنِّي، فَهَلْ يَثْبُتُ بِذَلِكَ اسْتِيلَادُ الْأَمَةِ عَلَى وَجْهَيْنِ:
(أَحَدُهُمَا) : نَعَمْ لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ سَبَبًا يَتَحَقَّقُ بِهِ لُحُوقُ النَّسَبِ [هُنَا] غَيْرَ مِلْكِ الْيَمِينِ فَيُحَالُ اللُّحُوقُ عَلَيْهِ فَيَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ ثُبُوتَ الِاسْتِيلَادِ فِي الْأَمَةِ.
(وَالثَّانِي) لَا لِاحْتِمَالِ اسْتِيلَادِهِ قَبْلَ ذَلِكَ فِي نِكَاحٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ.
(وَمِنْهَا) لَوْ ادَّعَى رِقَّ مَجْهُولِ النَّسَبَ فَشَهِدَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ أَنَّ أَمَتَهُ وَلَدَتْهُ وَلَمْ تَقُلْ فِي مِلْكِهِ فَهَلْ يُحْكَمُ لَهُ بِهِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ