وَالْوَصِيِّ يَأْكُلَانِ بِالْمَعْرُوفِ إذَا كَانَا يُصْلِحَانِ وَيَقُومَانِ بِأَمْرِهِ فَأَكَلَا بِالْمَعْرُوفِ فَلَا بَأْسَ بِهِ بِمَنْزِلَةِ الْوَكِيلِ وَالْأَجِيرِ، قَالَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ وَظَاهِرُ هَذَا جَوَازُ الْأَكْلِ لِلْوَكِيلِ.
النَّوْعُ الثَّانِي مَا لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ
فَيَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْهُ لِلضَّرُورَةِ بِلَا نِزَاعٍ وَأَمَّا مَعَ عَدَمِهَا فَيَجُوزُ فِيمَا تَتُوقُ إلَيْهِ النُّفُوسُ مَعَ عَدَمِ الْحِفْظِ وَالِاحْتِرَازِ عَلَيْهِ وَذَلِكَ فِي صُوَرٍ مِنْهَا الْأَكْلُ مِنْ الْأَطْعِمَةِ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَإِطْعَامُ الدَّوَابِّ الْمُعَدَّةِ لِلرُّكُوبِ فَإِنْ كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ وَإِنْ كَانَتْ لِلتَّصَيُّدِ بِهَا فَوَجْهَانِ.
وَسَوَاءٌ كَانَ يَحْتَاجُ إلَيْهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي أَشْهَرِ الطَّرِيقِينَ. وَفِي الثَّانِيَة لَا يَجُوزُ إلَّا لِلْحَاجَةِ بِقَدْرِهَا وَفِي رَدِّ عِوَضِهَا فِي الْمَغْنَمِ رِوَايَتَانِ وَهِيَ طَرِيقَةُ ابْنِ أَبِي مُوسَى وَاخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِي مَحَلِّ الْجَوَازِ فَقِيلَ مَحَلُّهُ مَا لَمْ يُحْرِزْهُ الْإِمَامُ فَإِذَا أَحْرَزَهُ أَوْ وَكَّلَ بِهِ مَنْ يَحْفَظُهُ لَمْ يَجُزْ الْأَكْلُ إلَّا لِضَرُورَةٍ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْخِرَقِيِّ لِأَنَّ إحْرَازَهُ مَنْعٌ مِنْ التَّنَاوُلِ مِنْهُ وَأَمَّا قَبْلَ الْإِحْرَازِ فَإِنَّ حِفْظَهُ يَشُقُّ وَيُتَسَامَحُ بِمِثْلِهِ عَادَةً وَقِيلَ يَجُوزُ الْأَكْلُ مَا دَامُوا فِي أَرْضِ الْحَرْبِ وَإِنْ أَحْرَزَ مَا لَمْ يُقَسَّمْ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي، وَإِنْ فَضَلَتْ مِنْهُ فَضْلَةٌ فَهَلْ يَجِبُ رَدُّهَا مُطْلَقًا أَوْ يُشْتَرَطُ كَثْرَتُهَا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
وَمِنْهَا إذَا مَرَّ بِثَمَرٍ غَيْرِ مَحُوطٍ وَلَا عَلَيْهِ نَاظِرٌ فَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ مَعَ الْحَاجَةِ وَعَدَمِهَا وَلَا يَحْمِلُ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُتَسَاقِطِ عَلَى الْأَرْضِ وَمَا عَلَى الشَّجَرِ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ وَتَنْزِيلًا لِتَرْكِهِ بِغَيْرِ حِفْظٍ مَعَ الْعِلْمِ بِتَوَقَانِ نُفُوسِ الْمَارَّةِ إلَيْهِ مَنْزِلَةَ الْإِذْنِ فِي الْأَكْلِ مِنْهُ لِدَلَالَتِهِ عَلَيْهِ عُرْفًا مَعَ الْعِلْمِ بِتَسَامُحِ غَالِبِ النُّفُوسِ فِي بَذْلِ يَسِيرِ الْأَطْعِمَةِ بِخِلَافِ الْمَحْفُوظِ بِنَاظِرٍ أَوْ حَائِطٍ فَإِنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْمَنْعِ مِنْهُ وَفِي الْمَذْهَبِ رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ بِجَوَازِ الْأَكْلِ مِنْ الْمُتَسَاقِطِ دُونَ مَا عَلَى الشَّجَرِ لِأَنَّ الْمُسَامَحَةَ فِي الْمُتَسَاقِطِ أَظْهَرُ لِيُسْرِعَ الْفَسَادُ إلَيْهِ وَلَمْ يُثْبِتْهَا الْقَاضِي.
وَرِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ بِمَنْعِ الْأَكْلِ مُطْلَقًا إلَّا مَعَ الْحَاجَةِ فَيُؤْكَلُ حِينَئِذٍ مَجَّانًا بِغَيْرِ عِوَضٍ وَعَلَى الْمَذْهَبِ الْمَشْهُورِ هَلْ يَلْحَقُ الزَّرْعُ وَلَبَنُ الْمَوَاشِي بِالثِّمَارِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ فَإِنَّ الْأَكْلَ مِنْ الزَّرْعِ وَحَلْبَ اللَّبَنِ مِنْ الضَّرْعِ إنَّمَا يُفْعَلُ لِلْحَاجَةِ لَا لِلشَّهْوَةِ.
(الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَة وَالسَّبْعُونَ) : اشْتِرَاطُ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ فِي الْعُقُودِ يَقَعُ عَلَى وَجْهَيْنِ مُعَاوَضَةٍ وَغَيْرِ مُعَاوَضَةٍ
فَأَمَّا الْمُعَاوَضَةُ
فَتَقَعُ فِي الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ وَيُمْلَكُ فِيهَا الطَّعَامُ وَالْكِسْوَةُ كَمَا يُمْلَكُ غَيْرُهُمَا مِنْ الْأَمْوَالِ الْمُعَاوَضِ بِهَا فَإِنْ وَقَعَ التَّفَاسُخُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ رَجَعَ بِمَا عَجَّلَ مِنْهَا إلَّا فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَكِسْوَتِهَا فَإِنَّ فِي الرُّجُوعِ بِهِمَا ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ ثَالِثُهَا يَرْجِعُ بِالنَّفَقَةِ دُونَ الْكِسْوَةِ (فَمِنْهَا) الْإِجَارَةُ فَيَجُوزُ اسْتِئْجَارُ الظِّئْرِ بِطَعَامِهَا وَكِسْوَتِهَا عَلَى الصَّحِيحِ وَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ لَمْ يَجْعَلْ فِيهِ خِلَافًا.
وَمِنْهَا: اسْتِئْجَارُ غَيْرِ الظِّئْرِ مِنْ الْأُجَرَاءِ بِالطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ