الْأَصَحِّ وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيّ وَكَذَلِكَ لَوْ انْقَطَعَ مُصَرِّفُ الْوَقْفِ وَقُلْنَا يَرْجِعُ إلَى أَقَارِبِهِ وَقْفًا وَكَانَ الْوَاقِفُ حَيًّا هَلْ يَرْجِعُ إلَيْهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ حَكَاهُمَا ابْنُ الزاغوني فِي الْإِقْنَاعِ وَجَزَمَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْمُفْرَدَاتِ بِدُخُولِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَنْسَابِهِمْ [لَهُمْ] أَبَدًا عَلَى أَنَّهُ مَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ رَجَعَ نَصِيبُهُ إلَى أَقْرَبِ النَّاسِ إلَيْهِ فَتُوُفِّيَ أَحَدُ أَوْلَادِهِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَالْأَبُ الْوَاقِفُ حَيٌّ فَهَلْ يَعُودُ نَصِيبُهُ إلَيْهِ لِكَوْنِهِ أَقْرَبَ النَّاسِ إلَيْهِ أَمْ لَا؟ يُخَرَّجُ عَلَى مَا قَبْلَهَا وَالْمَسْأَلَةُ مُلْتَفِتَةٌ إلَى دُخُولِ الْمُخَاطَبِ فِي خِطَابِهِ.

وَمِنْهَا الْوَكِيلُ فِي الْبَيْعِ هَلْ لَهُ الشِّرَاءُ مِنْ نَفْسِهِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ وَلِلْمَنْعِ مَأْخَذَانِ:

أَحَدُهُمَا: التُّهْمَةُ وَخَشْيَةُ تَرْكِ الِاسْتِقْصَاءِ فِي الثَّمَنِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ سِيَاقَ التَّوْكِيلِ فِي الْبَيْعِ يَدُلُّ عَلَى إخْرَاجِهِ مِنْ جُمْلَةِ الْمُشْتَرِينَ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ بَائِعًا فَلَا يَكُونُ مُشْتَرِيًا، وَهَذَانِ الْمَأْخَذَانِ ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُ.

وَالثَّالِثُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ وَاحِدٌ بِنَفْسِهِ وَيَأْخُذُ بِإِحْدَى يَدَيْهِ مِنْ الْأُخْرَى فَإِذَا وَكَّلَ رَجُلًا يَشْتَرِي لَهُ مِنْهُ جَازَ نَقَلَ ذَلِكَ حَنْبَلٌ عَنْ أَحْمَدَ فَعَلَى الْمَأْخَذِ الْأَوَّلِ لَا يَجُوزُ لَهُ الْبَيْعُ مِمَّنْ يُتَّهَمُ بِمُحَابَاةٍ أَيْضًا وَهُوَ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ خَصَّهُ بِمَنْ لَهُ عَلَيْهِ وِلَايَةٌ وَهُوَ وَلَدُهُ الصَّغِيرُ دُونَ مَنْ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَابْنِ عَقِيلٍ وَصَاحِبِ الْمُغْنِي.

وَعَلَى الثَّانِي وَالثَّالِثِ يَجُوزُ لَهُ الْبَيْعُ مِنْ غَيْرِهِ إذَا كَانَ أَهْلًا لِلْقَبُولِ، وَيَجُوزُ عَلَى الْمَأْخَذِ الثَّالِثِ أَيْضًا أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَشْتَرِي لَهُ لِانْدِفَاعِ مَحْذُورِ إيجَادِ الْمُوجِبِ وَالْقَابِلِ، وَإِنْ وَكَّلَ مَنْ يَبِيعُ السِّلْعَةَ وَيَشْتَرِيهَا هُوَ فَذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ إنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التَّوْكِيلِ فِي الْبَيْعِ جَازَ الشِّرَاءُ مِنْ وَكِيلِهِ قَوْلًا وَاحِدًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ هَذَا الْوَكِيلَ الثَّانِي وَكِيلٌ لِلْمُوَكِّلِ الْأَوَّلِ فَكَأَنَّهُ اشْتَرَى السِّلْعَةَ مِنْ مَالِكِهَا، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي التَّوْكِيلِ انْبَنَى عَلَى جَوَازِ تَوْكِيلِهِ بِدُونِ إذْنٍ فَإِنْ أَجَزْنَاهُ صَحَّ الْبَيْعُ وَإِلَّا فَلَا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَأْخَذُ الصِّحَّةِ أَنَّ الْوَكِيلَ الثَّانِي وَكِيلٌ لِلْمُوَكِّلِ الْأَوَّلِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ تَعْلِيلُهُ بِذَلِكَ فِي صُورَةِ الْإِذْنِ فِي مَسْأَلَةِ النِّكَاحِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعْتَبَرَ التَّوْكِيلُ لِئَلَّا يَتَّحِدَ الْمُوجِبُ وَالْقَابِلُ مَعَ أَنَّ هَذَا مُنْتَقِصٌ بِالْأَبِ فِي مَالِ وَلَدِهِ الطِّفْلِ.

وَأَمَّا رِوَايَةُ الْجَوَازِ فَاخْتُلِفَ فِي حِكَايَةِ شُرُوطِهَا عَلَى طُرُقٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ يَشْتَرِطُ الزِّيَادَةَ عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي يَنْتَهِي إلَيْهِ الرَّغَبَاتُ فِي النِّدَاءِ، وَفِي اشْتِرَاطِ أَنْ يَتَوَلَّى النِّدَاءَ غَيْرُهُ وَجْهَانِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَابْنِ عَقِيلٍ.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْمُشْتَرَطَ التَّوْكِيلُ الْمُجَرَّدُ كَمَا هِيَ طَرِيقَةُ ابْنِ أَبِي مُوسَى وَالشِّيرَازِيِّ.

وَالثَّالِثُ: أَنَّ الْمُشْتَرَطَ أَحَدُ أَمْرَيْنِ إمَّا أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَبِيعُهُ عَلَى قَوْلِنَا بِجَوَازِ ذَلِكَ وَإِمَّا الزِّيَادَةُ عَلَى ثَمَنِهِ فِي النِّدَاءِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ وَأَبِي الْخَطَّابِ، وَأَمَّا إنْ بَاعَ الْوَكِيلُ وَاشْتَرَطَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يُشْرِكَهُ فِيهِ فَهَلْ يَجُوزُ أَمْ لَا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.

إحْدَاهُمَا يَجُوزُ، نَقَلَهَا أَبُو الْحَارِثِ فِي الْوَكِيلِ يَبِيعُ وَيَسْتَثْنِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015