الْوَكِيلِ وَغَيْرِهِ وَدَخَلَ فِي هَذَا صُوَرٌ: مِنْهَا الْحَاكِمُ إذَا قِيلَ بِانْعِزَالِهِ قَالَ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ فِيهِ الْخِلَافُ الَّذِي فِي الْوَكِيلِ.
وَفِي التَّلْخِيصِ لَا يَنْعَزِلُ قَبْلَ الْعِلْمِ بِغَيْرِ خِلَافٍ وَرَجَّحَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لِأَنَّ فِي وِلَايَتِهِ حَقًّا لِلَّهِ وَإِنْ قِيلَ إنَّهُ وَكِيلٌ فَهُوَ شَبِيهٌ بِنَسْخِ الْأَحْكَامِ لَا يَثْبُتُ قَبْلَ بُلُوغِ النَّاسِخِ عَلَى الصَّحِيحِ بِخِلَافِ الْوِكَالَةِ الْمَحْضَةِ.
قَالَ: هَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ وَأَيْضًا فَإِنَّ وِلَايَةَ الْقَاضِي عَامَّةٌ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مِنْ عُمُومِ الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ فَتَعْظُمُ الْبَلْوَى بِإِبْطَالِهَا قَبْلَ الْعِلْمِ بِخِلَافِ الْوِكَالَةِ
وَمِنْهَا عُقُودُ الْمُشَارَكَاتِ كَالشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا تَنْفَسِخُ قَبْلَ الْعِلْمِ كَالْوِكَالَةِ وَقَدْ ذَكَرْنَا عَنْ ابْنِ عَقِيلٍ فِيمَا سَبَقَ فِي الْمُضَارَبَةِ أَنَّهَا لَا تَنْفَسِخُ بِفَسْخِ الْمُضَارِبِ حَتَّى يَعْلَمَ رَبُّ الْمَالِ.
وَمِنْهَا الْوَدِيعَةُ وَقَدْ ذَكَرَ الْقَاضِي فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ مِنْ خِلَافِهِ أَنَّ لِلْمُودَعِ فَسْخَهَا بِالْقَوْلِ فِي غَيْبَةِ الْمُودِعِ وَتَنْفَسِخُ قَبْلَ عِلْمِ الْمُودِعِ بِالْفَسْخِ وَتَبْقَى فِي يَدِهِ أَمَانَةً كَمَنْ أَطَارَتْ الرِّيحُ إلَى بَيْتِهِ ثَوْبًا لِغَيْرِهِ، ثُمَّ إنَّهُ ذَكَرَ فِي مَسْأَلَةِ الْوِكَالَةِ أَنَّ الْوَدِيعَةَ لَا يَلْحَقُهَا الْفَسْخُ بِالْقَوْلِ وَإِنَّمَا تَنْفَسِخُ بِالرَّدِّ إلَى صَاحِبِهَا أَوْ بِأَنْ يَتَعَدَّى الْمُودَعُ فِيهَا فَلَوْ قَالَ الْمُودَعُ بِمَحْضَرٍ مِنْ رَبِّ الْوَدِيعَةِ أَوْ فِي غَيْبَتِهِ فَسَخْت الْوَدِيعَةَ أَوْ أَزَلْت نَفْسَهَا عَنْهَا لَمْ تَنْفَسِخْ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى صَاحِبِهَا وَلَمْ يَضْمَنْهَا.
فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا تَفْرِيقًا بَيْنَ فَسْخِ الْمُودِعِ وَالْمُودَعِ أَوْ يَكُونَ اخْتِلَافًا مِنْهُ فِي الْمَسْأَلَةِ. وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ لِأَنَّ فَسْخَ الْمُودِعِ إخْرَاجٌ لِلْمُودَعِ عَنْ الِاسْتِحْفَاظِ وَهُوَ يَمْلِكُهُ وَأَمَّا الْمُودَعُ فَلَيْسَ لَهُ فِيهَا تَصَرُّفٌ سِوَى الْإِمْسَاكِ وَالْحِفْظِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَرْفَعَهُ مَعَ وُجُودِهِ وَيَلْتَحِقُ بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ.
(الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ وَالسِّتُّونَ) : وَهِيَ أَنَّ مَنْ لَا يُعْتَبَرُ رِضَاهُ لِفَسْخِ عَقْدٍ أَوْ حِلِّهِ لَا يُعْتَبَرُ عِلْمُهُ بِهِ وَيَنْدَرِجُ تَحْتَ ذَلِكَ مَسَائِلُ: مِنْهَا الطَّلَاقُ وَمِنْهَا الْخُلْعُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى الْمَذْهَبِ سَوَاءٌ قِيلَ هُوَ فَسْخٌ أَوْ طَلَاقٌ وَلَنَا وَجْهٌ آخَرُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ إذَا قُلْنَا إنَّهُ فَسْخٌ كَالْإِقَالَةِ وَالصَّحِيحُ خِلَافُهُ لِأَنَّ فَسْخَ الْبَيْعِ اللَّازِمِ لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ فَإِنَّ الزَّوْجَ يَسْتَقِلُّ بِإِزَالَتِهِ بِالطَّلَاقِ.
وَمِنْهَا الْعِتْقُ وَلَوْ كَانَ عَلَى مَالٍ نَحْوَ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ وَمِنْهَا فَسْخُ الْمُعْتَقَةِ تَحْتَ عَبْدٍ، وَمِنْهَا فَسْخُ الْبَيْعِ الْمَعِيبِ وَالْمُدَلَّسِ وَكَذَلِكَ الْإِجَارَةُ، وَمِنْهَا فَسْخُ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ بِدُونِ عِلْمِ الْآخَرِ