أَدْرَكَ ذَلِكَ الزَّمَانَ فَالسَّمْتَ الْأَوَّلَ فَالسَّمْتَ الْأَوَّلَ ".
وَمِنْ هَذَا الْبَابِ أَنَّ عمر بن عبد العزيز لَمَّا تَوَلَّى إِمَارَةَ الْمَدِينَةِ فِي خِلَافَةِ الوليد ابْنِ عَمِّهِ - وعمر هَذَا هُوَ الَّذِي بَنَى الْحُجْرَةَ النَّبَوِيَّةَ إِذْ ذَاكَ - صَلَّى خَلْفَهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ مَا رَوَاهُ أبو داود وَالنَّسَائِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " «مَا صَلَّيْتُ وَرَاءَ أَحَدٍ بَعْدَ رَسُولٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشْبَهَ صَلَاةً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ هَذَا الْفَتَى " يَعْنِي: عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: " فَحَزَرْنَا فِي رُكُوعِهِ عَشْرَ تَسْبِيحَاتٍ، وَفِي سُجُودِهِ عَشْرَ تَسْبِيحَاتٍ» " وَهَذَا كَانَ فِي الْمَدِينَةِ، مَعَ أَنَّ أُمَرَاءَهَا كَانُوا أَكْثَرَ مُحَافَظَةً عَلَى السُّنَّةِ مِنْ أُمَرَاءِ بَقِيَّةِ الْأَمْصَارِ، فَإِنَّ الْأَمْصَارَ كَانَتْ تُسَاسُ بِرَأْيِ الْمُلُوكِ، وَالْمَدِينَةُ إِنَّمَا كَانَتْ تُسَاسُ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ نَحْوِ هَذَا، وَلَكِنْ كَانُوا قَدْ غَيَّرُوا أَيْضًا بَعْضَ السُّنَّةِ، وَمَنِ اعْتَقَدَ أَنَّ هَذَا كَانَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَدْ غَلِطَ، فَإِنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمْ يُدْرِكْ خِلَافَةَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، بَلْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ بِسَنَتَيْنِ.
وَهَذَا يُوَافِقُ الْحَدِيثَ الْمَشْهُورَ الَّذِي فِي سُنَنِ أبي داود وَالتِّرْمِذِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " «إِذَا رَكَعَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ - وَذَلِكَ أَدْنَاهُ - وَإِذَا سَجَدَ فَلْيَقُلْ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى ثَلَاثًا، وَذَلِكَ أَدْنَاهُ» "، قَالَ أبو داود: هَذَا مُرْسَلٌ؛ عَوْنٌ لَمْ يُدْرِكْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، وَكَذَلِكَ قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: لَيْسَ إِسْنَادُهُ بِمُتَّصِلٍ، عَوْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ لَمْ يُدْرِكِ ابْنَ مَسْعُودٍ، عون هُوَ مِنْ عُلَمَاءِ