يُقِيمُ صَلَاتَهُ - يَعْنِي صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ - فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ قَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ،» رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " «لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى رَجُلٍ لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ بَيْنَ رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ» .
وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ إِقَامَةَ الصُّلْبِ: هِيَ الِاعْتِدَالُ فِي الرُّكُوعِ كَمَا بَيَّنَاهُ، وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ فَسَّرُوا ذَلِكَ بِنَفْسِ الطُّمَأْنِينَةِ، وَاحْتَجُّوا بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى ذَلِكَ وَحْدَهُ، لَا عَلَى الِاعْتِدَالَيْنِ، وَعَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ: فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَيْهِمَا.
وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ عَنْ أبي قتادة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَسْوَأُ النَّاسِ سَرِقَةً الَّذِي يَسْرِقُ مِنْ صَلَاتِهِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يَسْرِقُ مِنْ صَلَاتِهِ؟ قَالَ: لَا يُتِمُّ رُكُوعَهَا وَلَا سُجُودَهَا» ، أَوْ قَالَ: «لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ» ، وَهَذَا التَّرَدُّدُ فِي اللَّفْظِ ظَاهِرُهُ: أَنَّ الْمَعْنَى الْمَقْصُودَ مِنَ اللَّفْظَيْنِ وَاحِدٌ، وَإِنَّمَا شَكَّ فِي اللَّفْظِ كَمَا فِي نَظَائِرِ ذَلِكَ.
وَأَيْضًا: فَعَنْ عبد الرحمن بن شبل رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَقْرَةِ الْغُرَابِ، وَافْتِرَاشِ السَّبُعِ، وَأَنْ يُوَطِّنَ الرَّجُلُ الْمَكَانَ فِي الْمَسْجِدِ كَمَا يُوَطِّنُ الْبَعِيرُ» أَخْرَجَهُ أبو داود وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ.