انْهَدَمَ بِنَاؤُهُ؛ فَإِنَّ تِلْكَ الْفُرُوعَ الْحَسَنَةَ إِنْ لَمْ تَكُنْ عَلَى أُصُولٍ مُحْكَمَةٍ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لَهَا مَنْفَعَةٌ.

فَإِذَا كَانَ الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ وَاعْتِقَادُ لُزُومِ الطَّلَاقِ عِنْدَ الْحِنْثِ قَدْ أَوْجَبَ هَذِهِ الْمَفَاسِدَ الْعَظِيمَةَ الَّتِي قَدْ غَيَّرَتْ بَعْضَ أُمُورِ الْإِسْلَامِ عِنْدَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، وَصَارَ فِي هَؤُلَاءِ شَبَهٌ بِأَهْلِ الْكِتَابِ، كَمَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَعَ أَنَّ لُزُومَ الطَّلَاقِ عِنْدَ الْحَلِفِ بِهِ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَا سُنَّةِ رَسُولِهِ، وَلَا أَفْتَى بِهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَلْ وَلَا أَحَدٌ مِنْهُمْ فِيمَا أَعْلَمُهُ، وَلَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ التَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، وَلَا الْعُلَمَاءُ بَعْدَهُمْ، وَلَا هُوَ مُنَاسِبٌ لِأُصُولِ الشَّرِيعَةِ، وَلَا حُجَّةَ لِمَنْ قَالَهُ أَكْثَرُ مِنْ عَادَةٍ مُسْتَمِرَّةٍ اسْتَنَدَتْ عَلَى قِيَاسٍ مُعْتَضِدٍ بِتَقْلِيدٍ لِقَوْمٍ أَئِمَّةٍ عُلَمَاءَ مَحْمُودِينَ عِنْدَ الْأُمَّةِ، وَهُمْ - وَلِلَّهِ الْحَمْدُ - فَوْقَ مَا يُظَنُّ بِهِمْ، لَكِنْ لَمْ نُؤْمَرْ عِنْدَ التَّنَازُعِ إِلَّا بِالرَّدِّ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، وَقَدْ خَالَفَهُمْ فِيهِ مَنْ لَيْسَ دُونَهُمْ، بَلْ مِثْلُهُمْ أَوْ فَوْقَهُمْ. فَإِنَّا قَدْ ذَكَرْنَا عَنْ أَعْيَانٍ مِنَ الصَّحَابَةِ - كعبد الله بن عمر الْمُجْمَعِ عَلَى إِمَامَتِهِ وَفِقْهِهِ وَدِينِهِ، وَأُخْتِهِ حفصة أم المؤمنين، وزينب ربيبة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهِيَ مِنْ أَمْثَلِ فَقِيهَاتِ الصَّحَابَةِ: الْإِفْتَاءَ بِالْكَفَّارَةِ فِي الْحَلِفِ بِالْعِتْقِ، وَالطَّلَاقُ أَوْلَى مِنْهُ. وَذَكَرْنَا عَنْ طَاوُسٍ وَهُوَ مِنْ أَفَاضِلِ عُلَمَاءِ التَّابِعِينَ عِلْمًا وَفِقْهًا وَدِينًا؛ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَرَى الْيَمِينَ بِالطَّلَاقِ مُوقِعَةً لَهُ.

فَإِذَا كَانَ لُزُومُ الطَّلَاقِ عِنْدَ الْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ بِهِ مُقْتَضِيًا لِهَذِهِ الْمَفَاسِدِ، وَحَالُهُ فِي الشَّرِيعَةِ هَذِهِ الْحَالُ: كَانَ هَذَا دَلِيلًا عَلَى أَنَّ مَا أَفْضَى إِلَى هَذَا الْفَسَادِ لَمْ يَشْرَعْهُ اللَّهُ وَلَا رَسُولُهُ، كَمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ فِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015