فَصْلٌ
وَأَمَّا إِذَا ابْتَدَؤُوا الصَّلَاةَ بِالْمَوَاقِيتِ، فَفُقَهَاءُ الْحَدِيثِ قَدِ اسْتَعْمَلُوا فِي هَذَا الْبَابِ جَمِيعَ النُّصُوصِ الْوَارِدَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَوْقَاتِ الْجَوَازِ وَأَوْقَاتِ الِاخْتِيَارِ.
فَوَقْتُ الْفَجْرِ: مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ الصَّادِقِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَوَقْتُ الظُّهْرِ: مِنَ الزَّوَالِ إِلَى مَصِيرِ ظِلِّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهِ، سِوَى فَيْءِ الزَّوَالِ، وَوَقْتُ الْعَصْرِ: إِلَى اصْفِرَارِ الشَّمْسِ عَلَى ظَاهِرِ مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَوَقْتُ الْمَغْرِبِ: إِلَى مَغِيبِ الشَّفَقِ، وَوَقْتُ الْعِشَاءِ: إِلَى مُنْتَصَفِ اللَّيْلِ عَلَى ظَاهِرِ مَذْهَبِ أحمد.
هَذَا بِعَيْنِهِ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ مسلم فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَرُوِيَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَلَيْسَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثٌ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْمَوَاقِيتِ الْخَمْسِ أَصَحَّ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ صَحَّ مَعْنَاهُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَدِينَةِ مِنْ حَدِيثِ أبي موسى وبريدة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَجَاءَ مُفَرَّقًا فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ، وَغَالِبُ الْفُقَهَاءِ إِنَّمَا اسْتَعْمَلُوا غَالِبَ ذَلِكَ.
فَأَهْلُ الْعِرَاقِ الْمَشْهُورُ عَنْهُمْ: أَنَّ الْعَصْرَ لَا يَدْخُلُ وَقْتُهَا حَتَّى يَصِيرَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ، وَأَهْلُ الْحِجَازِ - مالك وَغَيْرُهُ - لَيْسَ لِلْمَغْرِبِ عِنْدَهُمْ إِلَّا وَقْتٌ وَاحِدٌ.