وسلم رواية ودراية، والحرص على نفع المسلمين وهدايتهم، ولكن هذا لا يستلزم عصمتهم من الخطأ فيما أخطئوا فيه، ولا قبول قولهم في كل ما قالوه، ولا يمنع من بيان خطئهم ورده، لما في ذلك من بيان الحق وهداية الخلق.
ولا ننكر أيضا أن لبعضهم قصدًا حسنا فيما ذهب إليه، وخفي عليه الحق فيه، ولكن لا يكفي لقبول القول حسن قصد قائله، بل لا بد أن يكون موافقا لشريعة الله عز وجل، فإن كان مخالفا لها وجب رده على قائله كائنا من كان، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد".
ثم إن كان قائله معروفا بالنصيحة والصدق في طلب الحق، اعتذر عنه في هذه المخالفة، وإلا عومل بما يستحقه بسوء قصده ومخالفته.
فإن قال قائل: هل تكفرون أهل التأويل أو تفسقونهم؟.
قلنا: الحكم بالتفكير والتفسيق ليس إلينا، بل هو إلى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، فهو من الأحكام الشرعية التي مردها إلى الكتاب والسنة، فيجب التثبت فيه غاية التثبت، فلا يكفر ولا يفسق إلا من دل الكتاب والسنة على كفره أو فسقه.
والأصل في المسلم الظاهر العدالة بقاء إسلامه وبقاء عدالته، حتى يتحقق زوال ذلك عنه بمقتضى الدليل الشرعي، ولا يجوز التساهل في تكفيره أو تفسيقه لأن في ذلك محذورين عظيمين: