منافاة الخالق للمخلوق في ذاته وجميع صفاته؟. لا، والله لا ينكر ذلك إلا مكابر.

والجاهل المفتري الذي يزعم أن ظاهر آيات الصفات لا يليق بالله لأنه كفر وتشبيه، إنما جر إليه ذلك تنجيس قلبه بقذر التشبيه بين الخالق والمخلوق، فأداه شؤم التشبيه إلى نفي صفات الله جل وعلا، وعدم الإيمان بها، مع أنه جل وعلا هو الذي وصف بها نفسه، فكان هذا الجاهل مشبها أولاً، ومعطلاً ثانيا، فارتكب ما لا يليق بالله ابتداء وانتهاء، ولو كان قلبه عارفا بالله كما ينبغي، معظما لله كما ينبغي، طاهرًا من أقذار التشبيه، لكان المتبادر عنده السابق إلى فهمه أن وصف الله تعالى بالغ من الكمال والجلال، ما يقطع أوهام علائق المشابهة بينه وبين صفات المخلوقين، فيكون قلبه مستعدًا للإيمان بصفات الكمال والجلال، الثابتة لله في القرآن والسنة الصحيحة، مع التنزيه التام عن مشابهة صفات الخلق، على نحو قوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} " انتهى كلامه رحمه الله.

والأشعري أبو الحسن رحمه الله كان في آخر عمره على مذهب أهل السنة والحديث، وهو إثبات ما أثبته الله تعالى لنفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل.

ومذهب الإنسان ما قاله أخيرًا إذا صرح بحصر قوله فيه، كما هي الحال في أبي الحسن، كما يعلم من كلامه في "الإبانة".

وعلى هذا: فتمام تقليده اتباع ما كان عليه أخيرًا، وهو التزام مذهب أهل الحديث والسنة، لأنه المذهب الصحيح الواجب الاتباع، الذي التزم به أبو الحسن نفسه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015