وبهذا علم ضلال من سلبوا أسماء الله تعالى معانيها من أهل التعطيل، وقالوا: إن الله تعالى سميع بلا سمع، وبصير بلا بصر، وعزيز بلا عزة، وهكذا. وعللوا ذلك بأن ثبوت الصفات يستلزم تعدد القدماء. وهذه العلة عليلة، بل ميتة لدلالة السمع1 والعقل على بطلانها.

أما السمع فلأن الله تعالى وصف نفسه بأوصاف كثيرة مع أنه الواحد الأحد. فقال تعالى: {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} . وقال تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى} ففي هذه الآيات الكريمة أوصاف كثيرة لموصوف واحد، ولم يلزم من ثبوتها تعدد القدماء.

وأما العقل: فلأن الصفات ليست ذوات بائنة من الموصوف حتى يلزم من ثبوتها التعدد، وإنما هي من صفات من اتصف بها فهي قائمة به، وكل موجود فلا بد له من تعدد صفاته، ففيه صفة الوجود، وكونه واجب الوجود أو ممكن الوجود، وكونه عينا قائما بنفسه أو وصفا في غيره

وبهذا أيضا علم أن "الدهر" ليس من أسماء الله تعالى، لأنه اسم جامد لا يتضمن معنى يلحقه بالأسماء الحسنى، ولأنه اسم للوقت والزمن، قال الله تعالى عن منكري البعث: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلاّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاّ الدَّهْرُ} يريدون: مرور الليالي والأيام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015