صلى الله عليه وسلم لصاحبه في الغار: {لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} كان هذا أيضا حقا على ظاهره، ودلت الحال على أن حكم هذه المعية هنا معية الإطلاع والنصر والتأييد، وكذلك قوله: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} ، وكذلك قوله لموسى وهارون: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} ، هنا المعية على ظاهرها، وحكمها في هذه المواطن النصر والتأييد".
إلى أن قال: "ففرق بين معنى المعية ومقتضاها، وربما صار مقتضاها من معناها فيختلف باختلاف المواضع"اه.
وقال محمد بن الموصلي في كتاب "استعجال الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة" لابن القيم في المثال التاسع (ص 409) ط الإمام:
"وغاية ما تدل عليه "مع" المصاحبة والموافقة والمقارنة في أمر من الأمور، وهذا الاقتران في كل موضع بحسبه، ويلزمه لوازم بحسب متعلقه، فإذا قيل: الله مع خلقه بطريق العموم، كان من لوازم ذلك علمه بهم وتدبيره لهم وقدرته عليهم، وإذا كان ذلك خاصا كقوله: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} كان من لوازم ذلك معيته لهم بالنصرة والتأييد والمعونة.
فمعية الله تعالى مع عبده نوعان: عامة وخاصة. وقد اشتمل القرآن على النوعين، وليس ذلك بطريق الاشتراك اللفظي، بل حقيقتها ما تقدم من الصحبة اللائقة" اهـ.
وذكر ذلك ابن رجب في شرح الحديث التاسع والعشرين من الأربعين