نظير يلحق به، ولوحظ فيه جهة مصلحة، كما تقتضي القاعدة الأخرى "الحاجة تنزل منزلة الضرورة، عامة كانت أو خاصة" (م/ 32) .

ولكن ما الأحكام التي يجب تغييرها بتغير الزمان؟ وما الأحكام التي لا يجوز

تغييرها بتغير الزمان؟

والجواب: أنه اتفقت كلمة المذاهب على أن الأحكام التي تتبدل بتبدل الزمان وأخلاق الناس هي الأحكام الاجتهادية التي بُنيت على القياس ودواعي المصلحة.

فإذا أصبحت لا تتلاءم وأوضاع الزمان ومصلحة الناس وجب تغييرها، وإلا كانت عبثاً وضرراً، والشريعة منزهة عن ذلك، ولا عبث فيها.

أما الأخكام الأساسية التي جاءت الشريعة لتأسيسها بنصوصها الأصلية: الآمرة والناهية، كحرمة الظلم، وحرمة الزنى، والربا، وشرب الخمر والسرقة، وكوجوب التراضي في العقد، ووجوب قمع الجرائم وحماية الحقوق، فهذه لا تتبدل بتبدل

الزمان، بل هي أصول جاءت بها الشريعة لإصلاح الزمان والأجيال.

ولكن وسائل تحقيقها، وأساليب تطبيقها، قد تتبدل باختلاف الأزمنة

والمحدثات، فوسيلة حماية الحقوق مثلاً، وهو القضاء كانت محاكمه تقوم على

أسلوب القاضي الفرد، وقضاؤه على درجة واحدة قطعية، فيمكن أن تتبدل إلى أسلوب محكمة الجماعة، وتعدد الدرجات للاحتياط، فالتبدل في الحقيقة في مثل هذه الأحكام، ما هو إلا تبدل الوسائل للوصول إلى الحق، والحق ثابت لا يتغير.

والحقيقة أن الأحكام الشرعية التي تتبدل بتبدل الزمان، المبدأ الشرعي فيها

واحد، وهو إحقاق الحق، وجلب المصالح، ودرء المفاسد، وليس تبدل الأحكام إلا تبدل الوسائل والأساليب الموصلة إلى غاية الشارع، فإن تلك الوسائل والأساليب في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015