إن القواعد الكلية في الفقه الإسلامي - بصيغتها الأخيرة - هي من وضع الفقهاء وصياغتهم وترتيبهم، وقد فعلوا ذلك على مر العصور، وحتى العصر الحاضر.
أما أصلها ونشأتها فمستقاة من ثلاثة مصادر، هي:
1 - القرآن الكريم
لقد جاء القرآن الكريم بمبادئ عامة، وقواعد كلية، وضوابط شرعية، في آياته ونصوصه، لتكون مناراً وهداية للعلماء في وضع التفاصيل التي تحقق أهداف الشريعة، وأغراضها العامة، وتتفق مع مصالح الناس، وتطور الأزمان، واختلاف الببئات.
وقد حققت هذه المبادئ العامة في القرآن الكريم هدفين أساسيين.
الأول: تأكيد الكمال في دين الله تعالى الذي ورد في قوله تعالى:.
(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) .
والثاني: بيان ميزة المرونة في التشريع الإسلامي لمسايرة جميع العصور والبيئات، ليبقى صالحاً للتطبيق في كل زمان ومكان.
وهذه المبادئ العامة في القرآن الكريم كانت مصدراً مباشراً للأئمة والفقهاء في صياغة القواعد الكلية في الفقه الإسلامي، وإرشادهم إلى المقاصد والغايات من الأحكام، والاستعانة بها لتشمل جميع الفروع التي تدخل تحتها، مثل قوله تعالى: (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ) .
فالآية تصف المؤمنين بالتشاور في جميع الأمور، سواء كانت عائلية أو اجتماعية أو إدارية أو سياسية، وتركت كيفية التنفيذ
ووسائله بحسب الأحوال والأزمان، ومثل قوله تعالى:.
(وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) .